من الثابت علمياً أن المشاعر السلبية لها تأثيرات مباشرة قصيرة وطويلة المدى على الصحة الجسدية؛ هناك علاقة مباشرة بين ذهنك و جسدك، فجسدك يتفاعل مع ذهنك بإفراز هورمونات و مواد كيميائية مختلفة مستنداً في ذلك على اختلاف المشاعر التي تشعر بها ؛ مثلا السريتونين ،الدوبامين، الاوكسيتوسين يُفرَزون عندما نكون سعداء. الكورتيزول و النورابينفرين يُفرَزون عندما نكون مضطربين.
التركيزات المختلفة من هذه المواد الكيميائية يمكنها التسبب في ظهور عوارض جسدية فور افرازها ؛ فعلى سبيل المثال، اذا كنت تعاني من القلق قد تلاحظ انك تصاب بالصداع وان يديك ترتجفان.
كذلك تتأثر مشاعرنا بتجارب الطفولة اللتي مررنا بها و المحفورة عميقا في ذاكرتنا؛ ففي دراسة استهدفت 17,000 من البشر لوحظ ان الافراد اللذين عانوا من طفولة مضطربة هم اكثر عرضة للإصابة بمشاكل جسدية كالكسور، مرض السكري و امراض القلب بنسبه تبلغ من 4 – 50 ضعف هؤلاء اللذين حظوا بطفولة مستقرة.
كيف يمكن للمشاعر ان تؤثر على صحتنا؟
المشاعر السلبية يمكنها حتى ان تعيق جهازك المناعي؛ و تجعلك اكثر عرضة للاصابة بنوبات السعال، الزكام و امراض اخرى.
دراسة علمية اخرى اثبتت بالفعل ان الضغوطات النفسية المزمنة تقصر اطوال اعمارنا عن طريق استنزاف التيلوميترات (والتيلوميتر هو الغطاء الذي يغلف نهايات شرائط الاحماض النووية DNA )
دراسات اخرى استهدفت مرضى تصلب الشرايين في المركز الطبي بجامعة ديوك اسفرت عن ان المرضى اللذين يتلقون الدعم المعنوي من اصدقائهم و اقاربهم واجهوا خطر الوفاة بنسبة 17٪ على مدى 5 سنوات بينما اولئك اللذين لم يتلقوا دعما معنويا واجهوا خطر الموت بنسبة 50٪.
هذه الدراسات تظهر بوضوح الاثر الخفي والمدمر لكبت مشاعرنا السلبية، من الواضح انها تترك أثرا عكسيا على اجسادنا، فالالم و التيبس في الجسم قد يكون ناتجا عن مشاعر محددة، ثم يتم شفائه بمشاعر اخرى.
لذا فإنك لكى تحافظ على جسدك فى حالة صحية جيدة عليك ان تتعلم كيف تتكيف مش مشاعرك السلبية وتتعامل معها بافضل طريقة.
كيف نتعرف على مشاعرنا السلبيه في الحال ؟
دائما ما نقمع الجانب العاطفي ونهرب من مشاعرنا السلبية ومشاعر الحزن ونتجاهلها هربا من الالم وبحثا عن المتعة والراحة، ونعوض ذلك بسلوكنا عاداتٍ مختلفة كالإفراط في الأكل، تناول المشروب . . . وغيرها. ومع ذلك، لحل المشكلة من جذورها علينا ان نحدد مشاعرنا السلبية ونتقبلها لاحداث توازن فى حياتنا.
يمكنك تحديد مشاعرك السلبية باتباع الخطوات اليسيرة التالية :
اصغِ لعقلك الباطن
جداول الأعمال اليومية المزدحمة عادة ما تجعلنا نتجاهل صوت وعينا الداخلي, فنحن نستحدث مجموعة من انماط التفكير و ننسى أن نستمع الي أنفسنا. لذا ها قد حان الوقت لتفعل، حان الوقت لتخرج من تلك الحلقة المفرغة و تغوص في عمق ذاتك عبر الاستماع لعقلك الباطن.
ستتعلم الكثير عن نفسك عن نقاط ضعفك، مشاعرك الدفينة ، علاقاتك والأشياء التي تحب .
ابدأ بتدوين مشاعرك العابرة بحرية على الاوراق، تدوين مشاعرك سيساعدك في تحليل عملية التفكير القائمه في رأسك وسيكشف تباعاً أي مشاعر خبيئة بداخلك. وستنهدش من قدرات عقلك الباطن على تحليل مشاعرك عندما تفعل ذلك.
اسرد قائمة باللحظات المؤذية والجارحة بالنسبة إليك
عادة ما نحاول نسيان الاوقات اللتي ممرنا فيها بظروف مؤلمة عن طريق تكرار القول لانفسنا انها اشياء تافهة واننا سنتخطاها بسهوله لكن فى الحقيقة نحن لا ننساها ولا نتخطاها وتزال تترك فينا اثرها حتى نتخلص منها.
حضر قائمة من مشاعرك السلبية والتى تظن انها صغيره، ولا تنس شيئا بما فيها مشاعر الطفولة. تدوين هذه المشاعر سيمكنك من مواجهتها بدلا من دفنها وتجاهلها. حينما تفعل ذلك ستحصل على فهم افضل لذاتك، وتتخلص منها كعائق فى حياتك.
سجل مشاعرك على مدار 8 اسابيع
دون كل ما تمر به من احداث عاطفية وشعورك حيالها على مدى 8 اسابيع، اى شىء ترك فى نفسك شعورا قويا او سلبيا دونه ولا تتجاهل اى شىء. سواء كان جو جميل، رد فعل من طفل، تصرف من زوجتك, موقف فى العمل، فكرة قرأتها فى كتاب واثرت فيك.
ثم بتحليل مشاعرك وتحديد الاشياء التى اغضبتك. مشاعر الغضب والمشاعر السلبية هى التى تسبب لك الحزن والاكتئاب حيث انها تتراكم بداخلك.
إذا نجحت في كشف القناع عن غضبك وعن المسائل العاطفية الأخرى ستجنب نفسك التفكير فى المشاعر السلبية ليلا قبل ان تنام. تدوينك لمشاعرك سوف يجعلك أقوى وسيرفع ادراكك لمشاعرك ویدفعک لتغييرها.
التخلص من المشاعر السلبية :
لقد تعلمت الآن كيف تحدد مشاعرك السلبية بنجاح، ها قد حان الوقت لتحريرها و التخلص منها. اتبع هذه النصائح اليسيرة لتحرر مشاعرك السلبية و تحافظ على جسدك في حاله صحية و متوازنة:
تخلص من مشاعرك السلبية جسدياَ :
تحرير مشاعرك السلبية جسدياً هي واحدة من اكثر الطرق الشائعة للتخلص منها. كل منا يود الذهاب الى مكان منعزل و يصرخ او يصيح لتحرير من مشاعره المكبوتة بداخله. الصراخ بعلو الصوت حتى الشعور بتحسن غالباً ما يساعد البعض على تنفيس المشاعر السلبية الحبيسة داخلهم. يمكنك ممارسة بعض التمارين الرياضية ايضاً، هذه الطريقة ملائمة للاشخاص العصبيين اللذين يفضلون التنفيس عن مشاعرهم على هيئة عنف و عدوانيه.
التأمل
التأمل هي طريقة مثبتة اخرى لتحرير مشاعرك السلبية؛ اجلس في وضع مريح و اغمض عينيك . تنفس بعمق من 10 الى 15 مرة لتبعث جسدك على الاسترخاء. اصطحب ذاتك الى اعماق الجذور الرئيسية المسببة لمشكلتك، وحدد المشاعر الكامنة خلفها. حاول ان تتخلص منها بمواجهتها و التعامل معها، ثم اختر ان تمضي قُدُماً تاركاً اياها خلفك.
التأمل قد يغير تماما وجهة نظرك للأمور حتى ان احساسك تجاه الاشياء سيتغير بعد جلسة واحدة من التأمل.
يمكنك ابقاء المشاعر السلبية بعيدة بالتعامل معها فور ظهورها. مارس النصائح السابقة و وتمتع بالاشياء الجيدة فى حياتك والموجوده فى كل مكان حولك فقط التفت اليها.