سواء كان الهدف من التغيير التوقف عن عادة مثل التدخين، أو اتباع نظام غذائي صحي، أو تحقيق أي هدف آخر أو الإمتناع عن سلوك ما، فإن البعض أحيانا تحت ضغط الرغبة في التغيير، وبفعل المشاكل والمعاناة الناتجين عن سلوك ما، يلجأون للتسرع وتجربة العديد من الطرق والخطوات بشكل عشوائي ومتخبط، ومع عدم الحصول على نتيجة سريعة؛ يصيبهم الإحباط والملل ويتخلون عن رغبتهم في تغيير سلوكياتهم.
واحد من أهم طرق التغيير طور من قبل الباحثين “جيمس بروكاسكا” و”كارلوا ديكلمنتي”، كان الهدف من تطوير هذا النموذج هو مساعدة الناس في الإقلاع عن التدخين، ويوضح هذا النموذج صعوبة عملية التغيير وتدرج حدوثه كمان يوضح كيف أن حدوث انتكاسات أثناء عملية التغيير هو أمر طبيعي ولا مفر من حدوثه.
مراحل التغيير وفقاً لبروكاسكا ويديكلمنتي
- مرحلة ما قبل التفكير: فيها يكون الشخص لا يفكر في تغيير سلوكه وقد يكون في حالة من الإنكار لوجود حاجة لتغيير سلوكه.
- مرحلة التفكير: يبدأ الشخص فيها في التفكير في حاجته للتغيير مع التفكير في مزايا التغيير وعيوب السلوك الحالي.
- مرحلة الإٍستعداد: يبدأ الشخص فيها في وضع خطته للتغيير وتحديد أهدافه لتغيير سلوكه.
- محلة العمل: يبدأ فيها الشخص في إتخاذ خطوات فعلية لتغيير سلوكه وتنفيذ خطته.
- مرحلة الحفاظ: يواصل الشخص العمل الجاد على تغيير سلوكه والحفازظ على تقدمه وتجنب الإنتكاسات.
- مرحلة الإنتكاس: يعاني فيها الشخص من العودة لسلوكه القديم، ولكنه يراه جزء طبيعي من العملية، إذا كان في وضعية عقلية جيدة.
مرحلة ما قبل التفكير في التغيير
في تلك المرحلة، لا يفكر الشخص في تغيير سلوكه ويكون في حالة من الإنكار لوجود مشكلة، ولا يشعر بوجود مشكلة في سلوكه بالرغم من وجود تبعات لسلوكه سواء كانت عليه شخصياً أو على أشخاص مقربين منه، يمعنى أصح تسود حالة من الإستسلام.
سمى الدكتور دايكملنتي هذه المرحلة بال “4R ” اختصاراً لأربع كلمات انجليزية تبدأ بحرف “R” وهي reluctance, rebellion, resignation and rationalization.
- Reluctant المقاومة أو الإنكار: حيث يكون الشخص غير واعياً بتأثير المشكلة عليه ولا يريد التفكير في التغيير.
- Rebellious أو التمرد: حيث يكون الشخص في حالة من العناد والتكبر بحجة أنه يملك حرية اتخاذ القرار وعمل ما يشاء.
- Resigned التخلي أو فقدان الأمل: حيث يكون الشخص قد فقد الأمل وغرق في السلوك السيء بعد أن باءت بعد محاولاته في التغير بالفشل.
- Rationalizing التبرير: في هذه المرحلة يكون الشخص قد نجح في خداع نفسه ووجد الحجج والمبررات التي تجعله يعتقد بعدم وجود مشكلة.
يساعد في تخطي هذه المرحلة إدراك الشخص لضرورة امتلاك حياة متوازنة يراعي فيها جوانب الصحة صحته العقلية والجسدية، وامتلاك وعي أكتر بذاته.
مرحلة التفكير في التغيير
مرحلة التفكير في التغيير هي عندما يصبح الشخص أكثر وعيًا بضرورة التغيير والفوائد التي يمكن أن يجلبها. ومع ذلك، قد يكون المرء مترددًا ويشعر بأنه محتار، حيث يبدو له أن تكلفة التخلي عن السلوك كبيرة. قد ينظر الشخص إلى تغيير سلوكه على أنه التخلي عن عادة تسبب له متعة بدلاً من التركيز على الجوانب الإيجابية للتغيير. وبمعنى آخر، فإن تحليل الشخص لفوائد التغيير في مقابل بقاء السلوك أو العادة، يميل في كفة بقاء السلوك حيث نظرته لفوائده تكون أكبر.
لتخطي تلك المرحلة والانتقال إلى المرحلة التالية، يحتاج الشخص الموجود في هذه المرحلة إلى تحليل مخاطر الاستمرار في السلوك وفوائد التغيير. كما ينبغي عليه أن ينظر بعناية إلى الجوانب الإيجابية والسلبية بشكل أكثر دقة، ويفكر في أسباب فشله في التخلي عن السلوك في الماضي، وما يحتاج إلى فعله بشكل مختلف في المستقبل. ومدة هذه المرحلة يمكن أن تختلف، وقد يبقى الشخص ينوي التغيير طوال حياته دون اتخاذ أي إجراء فعلي.
مرحلة الإعداد للتغيير
في مرحلة الإعداد للتغيير، يصبح الشخص مستعداً للقيام بالإجراءات اللازمة وبذل المجهود لتغيير سلوكه، حيث يزول التردد ويزيد اقتناعه بفوائد التغيير. يقوم الشخص بتقييم عقلاني للصعوبات والمشاكل التي يمكن أن تعوق تحقيق التغيير، ويبحث عن الحلول والأدوات المساعدة التي يحتاجها للالتزام بالتغيير والاستمرار في المرحلة التالية، وهي مرحلة التنفيذ. يستخدم الشخص الأدوات المساعدة لتحقيق التغيير والاستمرارية في السلوك الجديد.
مرحلة التنفيذ
إن مرحلة التنفيذ هي المرحلة التي يبدأ فيها الشخص في اتخاذ إجراءات فعلية وتنفيذ خطته لتحقيق التغيير المرغوب. يعتمد نجاح الشخص في هذه المرحلة على الإعداد الجيد الذي قام به في المرحلة السابقة، فبدون إعداد جيد قد يجد الشخص نفسه يتخلى عن الإجراء الذي اتخذه في غضون أيام أو أسابيع.
يساعد في الحفاظ على الإلتزام عدة عوامل منها، الحصول الدعم والتشجيع، وتحفيز الشخص ومكافأته لنفسه، بالإضافة إلى مراقبة تقدمه، على إتمام هذه المرحلة. يحتاج الشخص في هذه المرحلة لدوافع محفزة على الإستمرار وتجديد التزامه بهدفه في تغيير سلوكه. .
مرحلة المحافظة على التغيير
في هذه المرحلة، يكون الشخص أكثر ثقة في نفسه وارادته وقدرته على التغيير، ويكون التزامه أقوى في مواصلة تغيير سلوكه أو عادته، ولكن تظل مغريات عادته القديمة قائمة وتشكل عقبه. لذا يحتاج الشخص في هذه المرحلة لتطوير استراتيجيات للتعامل مع مغريات عادته القديمة، واستبدالها بأخرى جديدة.
يساعد في الإستمرار في هذه المرحلة تجنب النقد القاسي للذات في حالات الضعف والانتكاس، مع التركيز على الإستمرار والالتزام. كما تساعد مكافأة الشخص لنفسه على الإستمرار في تقوية التزامه بتغيير سلوكه.
مرحلة الإنتكاس
حدوث انتكاس هو أمر وارد وجزء من عملية تغيير الشخص لأي سلوك أو عادة سلبية، قد ينتج عن الإنتكاسات شعور بالإحباط وخيبة الأمل والشعور بعد الثقة في النفس.
يمكن تجنب الإنتكاسات وتأثيرها عن طريقة دراسة أسباب حدوثه، ومراجعة العقبات التي تقف في طريق التخلص من العادة أو السلوك. كما يجب وضع خطة للتعامل مع المغريات التي قد تظهر في المتسقبل، والحفاظ على مكتسبات التخلص من عادة سلبية بإستمرار.
أخيراً، فإن عملية التخلص من أي سلوك أو عادة سلبية هي عملية صعبة تحتاج للوقت والمجهود، ولكي يحدث التغيير فعلى الشخص أن يجعل تركيزه على الفوائد التي سيجدها في النهاية، وأن الأمر يستحق المجهود المبذول. سلوكيات الشخص وعاداته جميعها يجب أن تكون في اطار تحقيق الرفاهية وجودة الحياة والعلاقات. وأي سلوك يؤثر على ذلك يحتاج للمراجعة والتأمل.