فى خضم الأحداث اليومية المتسارعة والكم الهائل من التفاصيل التى يتعامل عقلنا البشرى تفقد الذاكرة القدرة على تذكر بعض التفاصيل، أو نجد أنفسنا غير قادرين على تذكر بعض المواقف أو الأشخاص، هذا لأن ذاكرتنا البشرية ليست مجرد جزء من مكونات المخ، لكنها ايضا مهارة تحتاج دائماً إلى التدريب والتمرين حتى تستطيع مجاراة الأحداث والمواقف التى تحاول دائماً حفظها وإستيعابها.
ماهى الذاكرة وكيف تعمل؟
الذاكرة أشبه بصندوق يتم تجميع الملعومات فيه ويبدأ العقل فى إستراجعها وقت الحاجة. وهى تشكل منظومة لمعالجة المعلومات على المدى البعيد والمدى القريب، وينقسم عمل تلك المنظومة إلى ثلاث مراحل، مرحلة النقل الحسى، مرحلة المدى القريب، مرحلة المدى البعيد.
- عملية النقل الحسى، وهى التى تستخدم الحواس الخمس التى تنقل الأصوات أو الملمس أو الصور إلى العقل، وتتم هذه العملية بسرعة جداً وبعدها يتم نقل المعلومات التى إستقبلتها تلك الموصلات إلى ذاكرة المدى القريب.
- وذاكرة المدى القريب هى المستودع الأول للمعلومات، وهى تحتفظ بها إلى مايقرب من 15 ثانية ثم تنقلها إلى الذاكرة طويلة المدى.
- وذاكرة طويلة المدى هي أكثر انواع الذاكرة تعقيداً لانها تحفظ المعلومات والاحداث والعواطف لسنوات طويلة
طرق لتقوية الذاكرة
أولاً:- وجود قدر من الاهمية لأشياء معينة.
بمقارنة بسيط بين تذكرك للأشياء التى تمنحها إهتماماً خاص وبين الأشياء الغير مهمة بالنسبة لك، ستجد أن نسبة تذكرك للأشياء المهتم بها تكون دائماً اعلى، فإن كنت مثلاً لا تعمل فى مجال يتعامل مع المعلومات الرقمية سيكون دائماً تذكرك للاأرقام ضعيف لأن ذاكرتك لم تدرب على ذلك.
الآن مثلاً فكر فى شىء يمثل إهتماماً جوهرياً لك ( كالموسيقى أو الشعر أو الأدب) ستجد أن المعلومات تتدفق لذهنك بغزارة، أما إذا بدأت فى التفكير حول أشياء لا تهمك ( كرة القدم او المعلومات العلمية مثلاً) ستجد صعوبة فى تدفق المعلومات إلى ذهنك.
ثانياً:- الإنتباه للأشياء التى تريد تذكرها.
إذا اردت أن تتذكر شىء عليك ان تمنحه أنتباهاً خاصاً، فالتركيز على شىء واحد فى المرة الواحدة يساعدك على إسترجاعه بسهولة فى الوقت الذى تحتاج اليه، والعكس تماماً إذا لم تعطى هذا الشىء أو الموقف انتباهاً دقيقاً فسيكون من الصعب عليك تذكره،
وغالباً مايكون لدى الأشخاص الذى يعانى بعضهم من القلق او الضغط العصبى قدرة ضعيفة على تذكر الأشياء لأن عقلهم مشتت معظم الوقت.
ثالثاً:- الفهم من اهم أسباب التذكر الجيد.
يعتبر تفهم الأشياء هو أسهل الطرق لتذكرها، فكلما كانت المعلومات التى تدخل إلى أذهاننا واضحة ومرتبة وغير مشوشة كلما كان تذكرها أسهل، واغلب الناس تخجل من الإعتراف بأن هناك أمور لم تفهمها وبالتالى فهى لاتتذكرها،ويحدث ذلك خاصة فى المناقشات والمحاضرات لذا لكى تتذكر الأشياء عليك تفهمها وإتباع القواعد الآتية:-
- كن مستعداً للقراءة حول الموضوعات التى ستناقش.
- قم بترتيب القضايا حول موضوع ما، وذلك بمناقشتها مع الأخرين.
- أطلب الوضيح إذا ماوجدت نفسك غير قادر على الفهم.
رابعاً:- عقد النية على التذكر.
كلما ثبت فى عقلنا الباطن أن الهدف من القراءة أو مراقبة شىء أو حدث أننا نريد نتذكره سهل ذلك علينا الأمر، لأن هذا يزيد من وعينا الجدى، فإذا كنت تقرأ تقريراً مثلاً وأردت تذكرهفقم بممارسة تلك اللعبة، احفظ بشكل واعى تسلسل الأشياء التى تحاول تذكرها، بعمل ذلك لفترة من الوقت ستنمى فى نفسة عادة ” نية التذكر”.
خامساً:- ما يؤثر على مشاعرنا يبقى عالقاً في الذاكرة.
الأحداث التى تمر علينا تنقسم إلى قسمين الأول له علاقة بالأشياء الإيجابية والقسم الأخر بالأشياء السلبية، والعقل يتذكر الأشياء التى تحدث فى الظروف الإيجابية ويكون تأثيرها فى الذات أكبر، لذا إذا قابلنا مثلاً معلومات اثناء وجود احداث إيجابية نتذكرها بشكل أفضل، كما أن التأثير السلبى فى الذات ممكن أن يؤدى إلى نتائج خطيرة على كمية الأشياء التى نتذكرها، لأننا عادة نستبعد ما لا يبعث على السرور.
سادساً:- الإرتباط بين الأشياء وبعضها.
عندما نقوم بربط الاشياء معاً يجعل تذكر الملعومة أسهل، ربط الأماكن بالأصوات بشىء معين حدث ساعتها، ربط التجارب التى حدثت لنا بشكل منظم مع الأشياء التى إستقرت فى معرفتنا، كل ذلك يعمل من خلال مايسمى بالخرائط الذهنية.
والآن بعدما عرفنا المبادىء التى يسير عليها عمل الذاكرة دعونا نتعرف تمرين مهم من شانه مساعدتك على تنمية مهارات وقدرات الذاكرة
* تمرين لتنمية الذاكرة والقدرة على التركيز.
ابحث عن مكان مريح وإغمض عينك، حول انتباهك عن الاحداث الخارجية وقم بتلمس أجزاء جسمك، تنفس بعمق وتتبع مسار النفس داخل جسدك، إذا أدركت أن هناك جزءاً من جسدك غير مرتاح حاول الخروج من هذا التوتر وإنطلق للتركيز مرة اخرى. تخيل الهواء الذي تستنشقه يشبه موجات هادئة وأن كل موجة تغسل بلطف بعض التوتر من جسدك.
بعد ذلك كن على وعي بالأفكار الموجودة داخل عقلك، وتخيل انك تضع كل الإفكار فى وعاء زجاجى وراقبها، ثم خذ الوعاء واسكب مافيه من أفكار وتخيلات، وراقبها وهى تختفى ولاحظ أن الوعاء صار خالياً.
ركز انتباهك على الوعاء الفارغ استمر فى عمل ذلك التمرين أطول مدة تستطيعها، ثم افتح عينك ببطىء واعط لنفسك استراحة قبل ان تبدأ أى نشاط اخر.
المصدر:- كتاب مهارات تنشيط الذاكرة…مادلين – ألين، ترجمة بشير العيسوى