فى لحظات فارقة من حياتنا نتوقف قليلاً عن الجرى بسرعة ونأخذ نفساً عميقاً ونتسائل ” ما الذى يدفعنا لتكملة المسير؟”، ما الذى يدفعنا للعمل الذى نذهب اليه كل يوم؟ ما الذى يدفعنا لتكوين روابط وصلات إجتماعية؟ ما هى الدوافع التى تجلعنا نبذل مجهود كبير فى العمل أو فى حل مشكلة أو فى إصلاح شىء؟
ليس من السهل على الجميع إجابة هذا السؤال، وربما يفضل البعض إكمال كل شىء فى حياتهم دون محاولة الحصول على إجابة شافية، خوفاً من تحمل عواقبها أحياناً وربما خوفاً من عدم وجودها، فهناك الكثير من الناس الذين يسيرون فى حياتهم بروتين ممل دون وجود دافع قوى داخلهم ودون وجود سبب.
ولكن هناك من بحث عن الدوافع التى تحرك البشر وجاء بنظرية تتحدث عنها، وهى الكاتبة “سوزان كويليام” ، فى كتابها الدوافع المحركة للبشر تقوم كويليام بربط الدوافع بنمط الشخصيات، وتقسم هذه الشخصيات إلى ثلاث أقسام، شخصية تدوافعها ترجع إلى حب الإنتماء، شخصية دوافعها تعود إلى حب الإنجاز، وشخصية اخرى دوافعها تقوم على حب النفوذ.
فما هى أنماط هذه الشخصيات؟ وماهى طرق تحفيزها؟
أولاً:- الشخصية التى تتحرك بدافع الإنتماء.
إنشودة هذه الشخصيات ” لن أدعك تسير بمفردك”
وتطلق عليها الكاتبة لقب الفراشة الإجتماعية، حيث ان أصحاب هذه الشخصيات يبالغون كثيراً فى تقدير أهمية الناس لديهم، ويحبون تكوين دوائر وصلات إجتماعية كبيرة حولهم، يشعرون أن الناس والأصدقاء هم اكثر أهمية من أى شىء وأن عليهم تقديم العون والمساعدة لهم طول الوقت والتواجد معهم.
هذه الشخصيات لاتكتفى بالتواجد على هامش حياة الناس المحيطن بهم، لا يشاهدونهم من بعيد ويرحلوا، بل إذا حدث وتواجدوا فى مكان عام فإنهم يديروا أحاديث طويلة بينهم وبين المحيطين بهم حتى إن لم يكن بينهم معرفة سابقة ولا ينتهى بهم الأمر الا بتبادل دعوات الزيارات والأرقام الهاتفية.
إن مبالغتهم فى الإهتمام بالاخرين تنبع من الرغبة فى المساعدة دائماً، قد تجد الكثير منهم من هواة العزلة او لديهم عدد قليل من الأصدقاء المقربين، لكن ما إن تتاح الفرصة لاحدهم لتقديم العون إلا وصار فراشة إجتماعية تربط الجميع بحدث إجتماعى لمعاونة من يحتاج.
وتشير الدراسات ان اغلب النساء تندرج تحت نمط الشخصية محبة الإنتماء، ف 70-80 % من النساء يعطين الاولوية للأسرة دائماً.
وتضرب الكاتبة مثلاً بصديقة لها تقول أن احد اكبر دوافع واهداف حياتها هو أن تموت وهى محاطة باولادها وأحفادهم حولها.
كيفية التعامل مع الشخصية محبة الأنتماء؟
كى تقيم علاقة وطيدة وقوية بأصحاب الشخصيات التى تتحرك بدافع الإنتماء إلى الناس المحيطين بها عليك إتباع الآتى:-
- أقم حواراً طويلاً معهم، فهم يحبون معرفة كل شىء عن الأخرين ليس تطفلاَ ولكن رغبة فى التعاون، أخبرهم كل شىء يريد الأخرون فعله.
- انهم يحبون أن تسألهم عن ذواتهم فاحرص على أن تظهر لهم إهتماهك بما يفكرون فيه أو فى فعله.
- كن مباشراً وصريحاً معهم.
- لا تحاول إحباطهم إجتماعياً.
- لا تحاول الا تفى بموعدك معه بسبب إنشغالك.
- احذر أن تتعامل معه بإستخفاف وسخرية.
ثانياً :- الشخصيات التى تتحرك بدافع الإنجاز.
إنشودة هذه الشخصيات ” ببساطة الأفضل “
أهم شىء يسعى إليه أصحاب هذه الشخصية هو تحقيق النتائج، ويقول “ستيف جوبز” مؤسس شركة آبل ” أريد أن يسمع العالم كله بإنجازاتى”
فإن الشاغل الاكبر لأصحاب هذه الشخصية هو تحقيق النجاح، بل النجاح الاكبر، وهم من اجل الوصول اليه وتحقيق الإنجاز لا يترددون ثانية واحده فى العمل لمدة ساعات طويلة لا يتوقفون خلالها.
والإنجاز هنا لا يتحدد على مستوى الانجاز العملى فقط، فمثلاً لو تحدثنا على المستوى العاطفى فمعنى الأنجاز لديهم هو تحقيق افضل حياة عاطفية على الإطلاق.
وذلك لأن محبى الإنجاز يرغبون فى إتمام الاعمال، وعندما ينجحون فى ذلك سواء أكان العمل الذى يسعون إليه هو الحصول على ترقية أو كى ملابسهم فإنهم يشعرون بسعادة بالغة.
والجانب السلبى عند هذه الشخصيات يكمن فى حبهم الشديد للعمل وغنشغالهم به طوال الوقت، حتى أنهم قد يعملون خلال اجازاتهم الإسبوعية.
كيفية التعامل مع الشخصيات المحبة للإنجاز.
- حتى توثق علاقتك بهم عليك ان تحرص على النجاح.
- ان كنت مديراً على شخص يحب الإنجاز عليك فلتضع له وقت ومهام محددة.
- لا تحاول تكليفه بأعمال يكون إحتمال نجاحها ضعيف او مشكوك فيه.
ثالثاً:- الشخصيات التى تتحرك بدافع حب النفوذ.
هذه الشخصيات تقوم بأى امر حباً فى النفوذ والسلطة، ويرغب محبو النفوذ فى القوة فقط من اجل القوة، هم يشاركون فى الانشطة والحوارات السياسية من اجل المصلحة الشخصية.
والاغلب ان دوافع هذه الشخصية تاتى من رغبتهم فى الشعور بالامان وان الامور تحت سيطرتهم دائماً.
محبو النفوذ والسلطة ليسوا بالشخصيات التى قد تكون حادة وفاظة مع الاخرين، بالعكس قد تكون هادئة ورقيقة رغبة منهم فى رؤية الأشخاص الاخرى منبهرين بهم وبشخصياتهم.
كيفية التعامل مع محبى النفوذ.
- لديك خياران فى التعامل معهم إما أن تقول لهم “نعم” واضحة، او تقول لهم ” لا” بمنتى الوضوح ايضاً.
- إحرص على ان تناديه باللقب الذى إختاره.
- لاترهق نفسك بان تتخلق بطباعهم التى ترى أنها الأفضل.
المصدر:- كتاب الدوافع المحركة للبشر، تأليف ” سوزان كويليام”