هل للكلمات أثر فى حياتنا؟ بالطبع نعم. الحكمة تقول “ليس المهم ماتقوله..بل المهم كيف تقوله”. والقصد هنا طريقة إنتقائك للكلمات الصحيحة التي تستطيع توصيل المعنى الدقيق للمستمع. ليس هذا فقط، فإن الكلمات هى الوسيلة الأولية التى ترسم بها صفاتك امام الناس، وبها يكونون الإنطباعات عنك، وإختيارك للفظ وتجنبك أخر لهو من أشد دلائل ثقافتك وحسن طبعك، فمثلاً أن تقول لاحدهم” انت لا تفهم ما أقول” سيكون وقعها مختلفاً تماماً لو قلت له ” يبدو أنى لم استطع توصيل الأمر اليك”، من المؤكد أن وقعها عليه سيكون مختلفاً.
وهل هناك كلمات تجعلنا نبدو أذكى؟ وهل هناك كلمات تستطيع ان تغير سير يومنا؟ هذا ماسنجده فى المقال الأتى.
توقف عن قول هذه الكلمات فهى تجعلك تبدو أقل ذكاءاً.
أولاً:- توقف عن قول كلمة “لا أستطيع”.
وتستطيع ان تستبدلها بتلك الكلمات ” إخترت، لا أريد، أنا لا..”، إن إستخدام كلمة لا أستطيع يعطى انطباعاً سيئاً لمن يستمع إليك، بل فى داخلك تثبت إحساساً بالعجز، ثم انه ليس من المنطقى أبداً ان تصف بها أشياء اعتدت على فعلها، كتناول وجبة الغذاء، أو القيام بعمل ما.
إن تثبيت هذه الكلمة فى عقلك بمثابة إضعاف لإرادتك، لأنك بالفعل تستطيع القيام بالعديد من الأشياء التى تعبر عنها بكل بساطة وتقول “لا أستطيع”.
إذاً فكيف تتعامل مع ذلك، ببساطة بدل الكلمات، لاتقل لا “أستطيع الذهاب إلى التمرين اليوم”، بل قل “أفضل أن أؤجل التمرين ليوم اخر”، قل ” لقد إخترت أن اخذ راحة وأكمل فى الغد”.. كل هذه الكلمات تعطى لنفسك إنطباعاً بالتمكين وبالسيطرة، وربما أيضاً الناس حولك يفضلون ان تتعامل بلغة أكثر وضوحاً.
ثانياً:- توقف عن قول كلمة “مدهش”.
إننا نفرط دائماً فى وصف الأشياء بكلمة “مدهش”، لكن هذا ليس تعبيراً دقيقاً عن الكثير من الأشياء، لا يمكن وصف الطعام او الأفلام أو الأغانى بتلك الكلمة فى كل الحالات، إننا بهذه الطريقة لا نعطى الأشياء حقها، فلفظ مدهش يطلق على الأشياء المتفردة دائماً والتى بحق يوجد بها مايثير الدهشة.
إذاً فما الكلمات البديلة التى تعطينا الوصف الأقرب للتعبير عن الإعجاب؟
نستطيع أن نقول “مثير للإعجاب، لافت للنظر، ساحر، فريد، مذهل”، كل هذه الكلمات لها دلالتها الوصفية الحقيقية، لكننا بإطلاق كلمة “مدهش” على كل الأشياء، نفقدها دلالتها اللفظية الحقيقة.
ثالثاً:- توقف عن قول كلمة “أياً كان”.
يؤسفنى أن أخبرك انها قد تبدو فى كثير من الاحيان كدليل على عدم الإكتراث، لقد حدث ذات مرة انه تم إستبعاد شخص من تدريب عملى لأن معظم تعليقاته كانت “أياً كان”، ليس باللسان فقط، فلغة الجسد والوجه والكتفين كانت تلعب دورها وتقول أيضاً “أياً كان”.
إذا فما البديل؟ البديل بسيط جداً، هو ان تصمت، قمة النضج هى أن تصمت حين لا يكون لديك ماتقوله، ذلك أفضل كثيراً من أن توضح للأخرين انك لست مهتماً وإن “أياً كان” مايقولونه فهو غير مؤثر فيك.
رابعاً:- توقف عن قول كلمة “لا أعرف”.
من المؤكد أن الإنسان لا يعرف كل شىء، حتى فى مجال تخصصه فهناك أشياء قد تكون غائبة عنه وتنقصه المعلومات الدقيقة عنها، هذا شىء منطقى وعقلانى، بل قمة العقل أن تمتنع عن التظاهر بالمعرفة التى لاتمتلكها.
ولكن ليس من العقل أيضاً ان تعطى للمتحدث امامك إنطباعاً على عدم معرفتك وعلى عدم رغبتك فى المعرفة، لذا إستخدم الكلمات المعبرة عن سعيك لأن تعرف مايتحدث عنه، قل مثلاً “أنا اتعلم، أريد معرفة المزيد، سأحاول ان اعرف، أنا غير متاكد”.
عندما يسأل رئيسك عن أرقام معينة يمكنك أن تقول: “سأكتشف!” عندما يطلب أحد الزملاء مساعدته فى مهمة لاتعرفها جيداً يمكنك أن تقول: “أنا أتعلم هذا الاختصار أيضا؛ دعونا نلقي نظرة “.
خامساً:- توقف عن قول ” أممممم” ومجرد الهمهمة.
بمعنى أصح توقف عن الهمهمة فى كلامك، إستبدلها بتنظيم نفسك وفاصل من الصمت، أنه ليس من المفضل أبداً أن يكون تعليقك أو ردك على المتحدث أمامك هو إصدار هذه الهمهمات المعبرة عن إصابتك بالملل وعدم إكتراثك بما بيقول.
سواء كنت تقوم بتقديم شىء، تجرى مقابلات عمل، كنت على موعد، تتحدث إلى شخص جديد، أو تشارك فكرة مهمة بالنسبة لك، فتاكد أنه ليس من الضرورى أن تملأ اللحظات التى لا تجد فيها ماتقوله بتلك الكلمة “أممممم”.
ممكن ان تملأ مساحات الصمت بالقيام على تنظيم نفسك، ترتيب أفكارك، ثم تخرج الكلمات التى تريد التعبير من خلالها عن مايجول بخاطرك، تأكد ساعتها أن الكلمات ستخرج مدروسة ومنضبطة ومعطية إنطباعاً جيداً للاخرين.
فى النهاية فهناك العديد من الأشياء تستطيع تغيرها بعد البدء بها، إلا الكلمات، فما إن تخرج من فمك إلا وتكون قد فقدت السيطرة عليها تماماً. كلماتك ستبدأ هى فى الإنتشار والقيام بمهمتها فى نشر الإنطباع عنك وعن شخصيتك وطموحك وأحلامك.
قد نقول بعض الكلمات بحسن نية، لكن المثل يقول “الطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة”، لذا عليك مراقبة كل كلمة وتأكد أن كلماتك ولغتك وجميع مصطلحاتك لها تأثير وتلعب دورها الصحيح في الوقت المناسب.