عندما نواجه مهامًا لا تثير اهتمامنا بشكل طبيعي أو نجدها مملة أو غير ذات صلة أو غير مريحة أو صعبة للغاية. هذا يحدث غالبًا بسبب غياب دافعك الداخلي بعقلك مصمم على بذل المجهود إذا كان سيحصل على مكافأة في النهاية، فإذا لم يجد متعة أو إثارة في مهمتك فسوف يقرر التكاسل حفاظًا على طاقتك.
هناك شكلان من التحفيز الاول الداخلي الذي يعبر رغبتنا الداخلية في اتمام مهمة لأنها احساسًا بالمتعة وشعورًا داخليًا بالرضا والسعادة. في المقابل، التحفيز الخارجي يعتمد على الحوافز الخارجية، مثل المكافآت أو التقدير والثناء.
استغلال التحفيز الداخلي يمكننا من الأداء بأعلى إمكانياتنا. إن تطوير هذه القدرة في وقت مبكر من حياتك لا يساعد فقط على بناء القوة اللازمة لتحقيق الأهداف طويلة الأمد، بل يضيف أيضًا المزيد من السعادة والرضا إلى العمل اليومي. فيما يلي ست استراتيجيات عملية لمساعدتك في الاستفادة من تحفيزك الداخلي وتحقيق أداء مهني متميز.
1. فهم طبيعة الدافع الداخلي
الدافع الداخلي هو الرغبة في القيام بشيء ما لأنه ممتع أو ذو معنى شخصي، دون انتظار مكافآت خارجية. وفقًا لنظرية تقرير المصير (Self-Determination Theory)، يعتمد الدافع الداخلي على ثلاث حاجات نفسية أساسية: الكفاءة (الشعور بالقدرة)، الاستقلالية (الشعور بالسيطرة على القرارات)، والارتباط(الشعور بالانتماء). عندما يتم تلبية هذه الحاجات، يصبح الدافع الداخلي أقوى وأكثر استدامة.
2. ربط الأهداف بالمعنى الشخصي
في الأوقات الصعبة، قد نفقد الرؤية الواضحة لأهدافنا. هنا، يصبح من الضروري إعادة ربط هذه الأهداف بقيمنا الشخصية ومعنى أعمق. على سبيل المثال، إذا كنت تعاني في العمل، اسأل نفسك: “كيف يساهم هذا العمل في تحقيق رؤيتي الشخصية أو مساعدة الآخرين؟” هذا الربط يعزز الشعور بالهدف ويجعل المهام الصعبة أكثر تحفيزًا.
3. تقسيم المهام إلى خطوات صغيرة
عندما تكون المهام كبيرة ومعقدة، قد نشعر بالإرهاق ونفقد الحافز. الحل هو تقسيم المهام إلى خطوات صغيرة وقابلة للتحقيق. كلما أنجزت خطوة، ستشعر بالإنجاز، مما يحفز إفراز الدوبامين في الدماغ، وهو ناقل عصبي مرتبط بالمتعة والمكافأة.
4. تجنب التكرار الممل
التكرار الممل يمكن أن يقتل الدافع الداخلي. لتجنب ذلك، حاول إضافة عنصر التحدي إلى مهامك. على سبيل المثال، إذا كنت تقوم بمهمة روتينية، حاول خلق تحدي في طريقتك لانجازها مثل إنجازها بسرعة أكبر أو بطريقة أكثر إبداعًا أو بشكل مختلف. هذه الطريقة تجعل المهام أكثر إثارة وتحافظ على حماستك.
5. التركيز على الحلول بدلًا من المشكلات
في الأوقات الصعبة، قد نركز على المشكلات بدلًا من الحلول، مما يؤدي إلى الشعور بالإحباط. بدلًا من ذلك، حاول تحويل تركيزك إلى الحلول. خصص وقتًا يوميًا للتفكير في كيفية تحسين الوضع. هذا النهج يعزز الشعور بالسيطرة ويقلل من التوتر.
6. البحث عن الدعم الاجتماعي
الدعم الاجتماعي يلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الدافع الداخلي. عندما تشعر بالضعف، تحدث إلى أصدقائك أو عائلتك أو زملائك. مشاركة التحديات مع الآخرين يمكن أن يمنحك منظورًا جديدًا ويشعرك بالدعم العاطفي، مما يعزز حافزك للاستمرار.
7. الاحتفاء بالإنجازات الصغيرة
في الأوقات الصعبة، قد ننسى الاحتفاء بالإنجازات الصغيرة. ومع ذلك، هذه الإنجازات هي التي تبني الزخم نحو النجاح الأكبر. خصص وقتًا للاحتفاء بكل خطوة تنجزها، سواء كانت كبيرة أو صغيرة. احتفاءك بإنجازاتك يحفزك على المضي قدمًا ويزيد شعورك بالانجاز.
8. تطوير عقلية النمو
عقلية النمو هي الاعتقاد بأن القدرات يمكن تطويرها من خلال الجهد والتعلم. في الأوقات الصعبة، حاول أن تنظر إلى التحديات كفرص للنمو بدلًا من عقبات لا يمكن التغلب عليها. هذا التحول في التفكير يعزز الدافع الداخلي ويجعلك أكثر مرونة في مواجهة الصعوبات.
9. الاعتناء بالصحة الجسدية والعقلية
الصحة الجسدية والعقلية هي أساس الدافع الداخلي. تأكد من الحصول على قسط كافٍ من النوم، وممارسة التمارين الرياضية، وتناول الطعام الصحي. بالإضافة إلى ذلك، خصص وقتًا للاسترخاء والتأمل لتقليل التوتر وزيادة التركيز.
10. إعادة صياغة المهام المملة
عند مواجهة مهمة مملة أو تبدو غير مثيرة للاهتمام، يمكنك أن تجد طريقة لتحويلها لشيء أكثر إثارة ويجذب اهتمامك. من الطرق الفعالة التي يمكن أن تساعد في ذلك هي تغيير نظرتك لهذه المهمة وطرح أسئلة مثل: “كيف يمكن أن تكون هذه المهمة مفيدة لي أو للآخرين؟” هذا السؤال لا يساعدك فقط على رؤية الفوائد المخفية وراء المهمة، بل يعزز أيضًا شعورك بالقيمة والهدف في إتمامها.
مثلًا، قد تبدو مهمة روتينية مثل تنظيم غرفتك أو ترتيب ملفاتك مملة للوهلة الأولى، ولكن عند التفكير في كيف يمكن أن تساعد هذه المهام في تحسين الكفاءة أو تسهيل العمل في المستقبل، ستبدأ في رؤية قيمة أكبر لها. قد تكتشف أنها تساهم في تقليل العبء على زملائك، أو أنها تسهم في تحقيق أهداف أكبر تهمك، مثل تحسين الأداء أو تطوير مهارات التنظيم.
الخلاصة
إيجاد الدافع الداخلي في الأوقات الصعبة ليس أمرًا مستحيلًا، ولكنه يتطلب وعيًا واستراتيجيات مدروسة. من خلال فهم طبيعة الدافع الداخلي، وربط الأهداف بالمعنى الشخصي، وتقسيم المهام إلى خطوات صغيرة، يمكنك إشعال الحافز حتى في أصعب الظروف. تذكر أن الدافع الداخلي هو قوة قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، ومساعدتك على تحقيق أهدافك بثقة وإصرار.
المصادر
– Harvard Business Review: Understanding the Power of Intrinsic Motivation
– Forbes: 6 Simple Steps To Boost Your Intrinsic Motivation
– Medium: Why Is Internal Motivation So Powerful
– Cambridge Journal: On What Motivates Us