هكذا هي الأيام! يوم لك ويوم عليك، فلا الحزن يدوم ولا السعادة تقيم، كل شيء يغادر ربوعك يروح ويجيء إلا نفسك. أنت من يبقى! فأكرم نفسك ولا تهنها، جاهد لتجعلها كريمة لا ذليلة، مستقيمة لا عوج فيها، مرفوعة منصوبة لا مخفوضة.
وبالرغم من أن هذه الافتتاحية قد تبدو قاتمة بعض الشيء؛ فإنها بداية تحقيقك للسعادة؛ فمعرفتك لحقيقة نفسك هي أول الطريق ومفتاح سعادتك الباطنية والظاهرية، فالوصول إلى حقيقة سعادة النفس وكيفية التحكم فيها هو مفتاح السعادة حقًّا.
وإليك الآن 25 عادة تستطيع أن تحقق لك السعادة، بل إنها قد تغير وجه حياتك كثيرًا؛ فهيا بنا لنتعرف عليها:
-
السعادة تنمو بنموك فكن صبورًا!
كلما ازددت نموًّا وفهمًا وسنًّا ازدادت قدرتك على التحكم بمشاعرك، وصرت قادرًا على فهم نفسك ومعرفة ما يسعدها؛ فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن كبار السن يكونون أكثر سعادة من غيرهم، وقد يرجع هذا للخبرة والتجارب التي عايشوها.
فاصبر وتأمل! واعلم أن معرفتك لنفسك وقدرتك على فهمها سيخلق لك السعادة حتمًا.
-
كن نفسك
إن تركيزك على ذاتك دون الآخرين له أكبر الأثر في تحقيق سعادتك، فعندما تفقه عن نفسك ماهيتها تكون قادرًا على إسعادها، وتقطع طريق اليأس والسخط عنك، وتبتعد عن آفات مقارنة نفسك بالآخرين.
نعم! كن نفسك وثق بها وأبعد عقلك وقلبك عن الشواغل والمشاعر السلبية التي تسرق طاقتك وعمرك.
-
حدد أهدافك بواقعية
إذا جلست بهدوء وتركيز، ووضعت أهدافك بتحديد وواقعية ، ووضعت لها إطارًا زمنيًّا محددًا لا تتخطاه، وخطة بديلة للاستيعاض بها إن فشلت الأولى؛ فتأكد أنك تسير نحو طريقك للسعادة؛ فشعور الإنسان بأنه منجز مؤثر قادر على التغيير هو سبيله للسعادة؛ فيكون حرًّا منطلقًا بلا قيود، يقود حياته ويملك لجامها بيديه وعقله وقلبه ونفسه.
ولكن عليك أن تحدد أهدافك بدقة؛ فقد أثبتت الدراسات أن تحديد الأهداف يساعد على شعورك بالرضا والسعادة؛ نتيجة إنجازك وتغييرك المستمر.
-
ابتسم!
ابتسامتك سر مقاومتك واستمرارك، فعندما تبتسم وتواجه الألم بالابتسامة والرضا تتغير حياتك وتشعر بالسعادة الحقيقية؛ ولهذا يجب عليك أن تبتسم بصدق، اسعد نفسك بنفسك. تذكر ما يجعلك تبتسم من قلبك وقت ألمك، فسيعزز هذا شعورك بالرضا والفرح، وقد يكون هذا الذي يسعدك ضحكة طفل، هدية من حبيب، لحظة حلوة قضيتها مع صديق، التنزه في الطبيعة، لحظة نجاحك، لحظة إتمامك لأي عمل كنت تطمح إليه … وغير ذلك مما قد يخلق الابتسامة على وجهك وبداخلك بصدق.
-
سامح
انزع من قلبك هذه القطعة السوداء التي تؤرقك، سامح واغفر فكلنا خطَّاء وكلنا يحتاج لأن يسامحه غيره، عندما تسامح وتنزع عن قلبك كل ما يسوءه ستسعد حقًّا، وستعلم أن للكون مدبرًا يعلم ما ألَـمَّ بك ولا ينساك، ستعلم أنه سيجبرك يومًا ما وإن طال الزمان.
الضغينة طريق مظلم لا تمش فيه، بل فر منه فرارك من الوحوش الضارية.
-
اكتب مشاعرك
فلقد أثبتت الدراسات كثيرًا أن كتابتك لمشاعرك السلبية يساهم في التقليل منها والحد من آثارها، وكتابة مشاعرك الإيجابية يعززها ويرسخها بداخلك وفي حياتك. فقام علماء بإجراء مسح للدماغ لقياس النشاط العصبي لمجموعة قامت بكتابة مشاعرها لمدة 20 دقيقة يوميًّا لمدة أسبوع كامل؛ فتبين لهم أن مشاعرهم صارت أقوى، وعاطفتهم باتت أهدأ وأقدر على التحمل.
-
احرص على وقتك الحميمي مع زوجك
أكدت الأبحاث أن الوقت الحميمي مع زوجك يزيد من سعادتك، ولكن بشرط أن يكون مطلوبًا من الطرفين عن رغبة وحب؛ فالعلاقة المقصودة بذاتها لا تحقق السعادة بل إنها قد تخلق جوًّا مشحونًا وغضبًا مكبوتًا بداخلنا.
-
اعتنِ بأصدقائك
أثبتت الأبحاث أن شعورك بالسعادة مع أصدقائك يفوق سعادتك مع عائلتك؛ فالأصدقاء يساعدونك على الخروج من أعباء الحياة وضغوطاتها، ويقدمون لك الدعم المعنوي المطلوب بالاستماع أو المشاركة أو مجرد التنزه والخروج من دائرة العمل والمسئوليات المختلفة.
-
التفاؤل لا المثالية
أن تكون متفائلًا ومثابرًا خير من أن تكون مثاليًا أو تعيش في قصر عاجي لا علاقة له بالواقع. فميلك للسعادة وحبك للحياة يجذب كل ما هو جميل لك، صمودك وإصرارك على النجاح هو نصف طريقك لتحقيق ذلك؛ فما تطلبه يطلبك بنفس القدر والقوة.
-
النوم الصحي والاستيقاظ مبكرًا
إن أخذك قسطًا كافيًا من النوم بالليل واستيقاظك مبكرًا يحقق لك السعادة؛ فأن تصحو نشيطًا وتخطط ليومك بعد نوم صحي سيجعلك هذا قادرًا على الإنجاز والنجاح والعمل بجد وقوة.
-
التمارين الرياضية
أثبتت الدراسات أن قيامك بالتمارين لمدة 20 دقيقة في يومك يساعد على رفع هرمون السيرتونين، ومن ثمَّ الشعور بالسعادة لمدة تصل إلى 12 ساعة؛ فشعورك بالنشاط يجعلك أكثر سعادة ورضا.
-
القهوة
إن تناول كوب من القهوة يوميًّا يحسن المزاج، وينبه الجهاز العصبي، ويقلل من الإصابة بالاكتئاب والخمول، فكثير من الدراسات أشارت إلى وجود علاقة بين شرب القهوة والتقليل من الاكتئاب والانتحار.
-
التأمل
لا خلاف على أهمية التأمل للتخلص من القلق والتوتر وتحقيق السعادة، فلقد خُلِقَ الإنسان متأملًا، حتى إن الرياضات الروحية في الإسلام وعند البوذيين وغيرها تعتمد اعتمادًا أساسيًّا على التأمل؛ فتفكر ساعة خير من عبادة سنة كما يقال؛ ويرجع هذا إلى أن التأمل يخلق بداخلك قدرة على الفهم والتحكم بالمشاعر، والوصول إلى الحكمة من وجود كل شيء، ومحاولة الوقوف على باطن الأشياء وظاهرها لا ظاهرها فقط. إذن فهي تحفز الذاكرة وتزيد وعي المرء بذاته.
-
القراءة
إن قراءة كتاب أو رواية قادر على أن يفتح أمامك مدارك وطرقًا لا حصر له؛ فكل كتاب حياة مستقلة، فتعيش حيوات كثيرة مختلفة لا حياة واحدة، وقد أثبتت الدراسات أن قراءتك لحياة شخص آخر قد تجعلك أكثر وعيًا وتقبلًا لحياتك، وأقل توترًا وانزعاجًا، وأكثر قدرة على مواجهة الصعوبات والتحديات التي تواجهك؛ إذن فهي قادرة على أن تمنحك السعادة.
-
الابتعاد عن المدينة
إن الاختلاط بالبشر والانغماس في الزحام يزيد التوتر والضغط بداخلك. حاول أن تذهب إلى منطقة كثيفة الأشجار مملوءة بالخضرة والماء وتأمل أثر ذلك في نفسك. فلقد أثبتت إحدى الدراسات الأثر العظيم لذلك حينما أرسلت مجموعة من الطلاب للعيش في الغابة مدة يومين، فوجدوا انخفاضا ملحوظًا في هرمون الكورتيزول الذي يدلل على حجم الإجهاد في جسم الإنسان، ووجدوا انخفاضًا ملحوظًا في معدل ضربات القلب.
عد إلى الفطرة ستجد الجمال محلقًا في ربوعك!
16-عانق البحر
نعم إنه لقاء أشبه بلقاء الأحبة! فتطلعك للبحر مدة يخلصك من المشاعر السلبية؛ فحينها تشعر أنه ملاذ كبير يحتضنك ويشعرك بالطمأنينة والسكون، تتلاطم أمواجه فتضرب داخلك لتأخذ معها همومك وترتحل بها بعيدًا عنك. نعم إنه سحر لا يقاوم، وسعادة فطرية كن حريصًا على إدراكها بين الحين والآخر!
-
المشي في الطبيعة
من أهم العوامل التي تساعد على تخفيف التوتر والضغط، والتخلص من المشاعر السلبية والأفكار القاتمة، خاصة مشيك في الطبيعة حافي الأقدام.
ولقد أقيمت دراسة في كاليفورنيا الشمالية للتدليل على أهمية المشي في الطبيعة خاصة؛ فلقد أتوا بمجموعة من الرجال والنساء وقسموهم إلى مجموعتين (الأولى تسير 90 دقيقة في المدينة، والأخرى تسير نفس الوقت في الطبيعة)، وكانت النتيجة كالآتي:
– انخفض معدل الكورتيزول، وضربات القلب عند المجموعة التي مشت في الطبيعة، واستطاعوا كذلك التخلص من الأفكار السلبية والمشاعر السوداوية، وانخفض نشاط قشرة الفص الموجود في مقدمة الدماغ والمسئول عن اضطرابات المزاج والتفكير السلبي.
– لم يحدث أي تغيير مع المجموعة التي مشت في المدينة.
إذن فكل هذا يدلل على ضرورة المشي والاستمتاع بالطبيعة، ويدلل على حقيقة أقوى وهي أن العودة إلى الفطرة الإلهية مفتاح سعادة المرء.
-
امشِ في التراب
أتذكر رائحة التراب عندما كنت صغيرًا تلعب وتغمس فيه يديك بسعادة لتصنع منه أشكالًا جميلة؟! أتذكر رائحة التراب وقت سقوط المطر؟!
نعم إنها لحظات سعيدة، فتنفسك لهذه الرائحة العبقة يهدئ نفسك، ويخلق شعورًا بالراحة والسعادة لا مثيل له؛ فارتباط الإنسان بالطين ارتباط وثيق، فهو حنين الفرع إلى أصله.
وقد أثبتت الدراسات أن التراب يحتوي على بكتيريا غير ضارة تساهم في رفع معنويات الإنسان أثناء شمها، بل إنها تنتج تأثيرات أشبه بأثر العقاقير المضادة للاكتئاب.
-
إنفاق المال على الآخرين
أثبتت الدراسات أن إنفاقك على شخص آخر -وليس على نفسك- يحدث شعورًا بالسعادة والرضا لا مثيل له؛ فشعورك بالتأثير في حياة غيرك وإدخالك السعادة على قلبه شعور نبيل تعززه كل الأديان السماوية ومكارم الأخلاق.
-
التطوع
ما أجملك إن ساهمت في إسعاد غيرك! ما أرحمك إن خففت عنهم آلامهم! ما أحلمك إن ساعدتهم في تجاوز محنهم وآلامهم!
فباستقراء الأبحاث خلال الـ 20 سنة الماضية وجد الباحثون أن عملك التطوعي له أكبر الأثر في إعلاء صحتك النفسية، وسعادتك الداخلية.
-
استرجاع الذكريات السعيدة
إن استعادتك للحظاتك السعيدة يخلق بداخلك سعادة جديدة، فيخفف من التوتر والقلق، ويساعدك على التخلص من المشاعر السلبية ومواجهتها؛ فقد كنت سعيدًا يومًا ما وتستطيع أن تعيد هذه السعادة الآن؛ فاستلهام الخير يأتي دومًا بالخير.
-
القيام بهوايتك المفضلة
قيامك بما تحب يشعرك بالسعادة قطعًا، واستمرارك في ممارسة هوايتك يقلل من التوتر ويرفع هرمون السعادة بداخلك. جرب أن تلعب لعبتك المفضلة، أن تلون أو ترسم، أن تسافر وترى أماكن جديدة، أن تشاهد مباراة تنس أو أي رياضة تحبها، أن تحتسي القهوة على مهل أمام الخضرة والطبيعة … وغير ذلك من الأشياء التي قد تفضلها، وتحدث بداخلك أجمل الأثر.
-
المشاركة في الأنشطة الثقافية
أفادت الدراسات أن الأشخاص الذين يقومون بأنشطة ثقافية كزيارة المتاحف وندوات الشعر والأمسيات الأدبية والرسم والمسرح والنادي وغير ذلك هم الأقل في معدلات التوتر والاكتئاب؛ فمثل هذه الأنشطة يبعث في النفس شعورًا حقيقيًّا بالسعادة.
-
الاستماع إلى الموسيقى الحزينة
أشارت دراسة حديثة إلى أن الاستماع إلى الموسيقى الحزينة أو الأغاني المؤثرة له أثر كبير في تنظيم المشاعر السلبية ومواجهتها أيضًا؛ وهذا يدلل على أن السعادة ذاتية، وأن ما يسعدك قد لا يسعد غيرك، وأن بعض الناس سعادتها في أن تقاوم الحزن بالحزن فتضربهما ببعضهما البعض لتتفجر السعادة من بينهما.
-
الذهاب إلى سويسرا
لا نعني بهذا الذهاب إلى سويسرا فقط، بل كل ما يشبهها؛ فبعد المزيد من البحث تبين أن قاطني سويسرا هم الأسعد بين شعوب العالم، وبالبحث عن أسباب ذلك اتضح أن الاختلاط بالطبيعة والانغماس فيها أحد أهم عوامل السعادة، فالماء والمساحات الخضراء والنباتات والأزهار والعشب والجبال والشلالات … وغير ذلك من مظاهر الجمال الطبيعية هي أهم عامل من عوامل الهدوء الداخلي والسلام الروحي، ولا يخفى علينا أن الجمال الظاهري يولد جمالًا داخليًّا والعكس؛ خاصة إذا حرصت من نفسك على الإيجابية، والشعور الدائم بالحفاظ على بقائك سعيدًا نشطًا، وضرورة تخلصك من مشاعرك السلبية، والشعور بأهمية قضاء الوقت مع من تحب؛ فالحب أسمى ما تحصل عليه في هذه الحياة.