تقول الحكمة ” أن لكل شىء اذا ما تم نقصان” كذلك عقل الإنسان، فالعقل يتمتع بقدرة عالية على انتاج الكثير من الأفكار فى نفس ذات الوقت، ويستطيع أن يطرح على نفسه الأسئلة المتعدده ويحاول معالجتها فى آن واحد، قد يبدو هذا ايجابياً خاصة للذين يعملون في المجالات الإبداعية التي تطلب أفكاراً كثيرة، ولكن الأمر علمياً قد يكون له جوانب سلبية، فما هى المشكلات التى يجرها العقل المصاب بـ ” التفكير الزائد ” ؟ وكيف يمكنك التحكم في أفكارك؟
التفكير الزائد يأتي في صورتين
- اولهما هى “عدم القدرة على وقف موجات الأفكار قبل الغرق فيها “ بمعنى انك تجد نفسك تفكر فى الكثير من الأفكار وترى انها كلها ذات قيمة ونفع وعليك ان تبدأ بها او تعالجها جميعاً فى نفس الوقت، ثم تصل بك الى صعوبة التدقيق والاختيار تماماً ، مثلاً فى لعبة الشطرنج قد يجد اللاعب نفسه أمام ثلاث خطوات جيدة وستؤدى به الى الفوز لكنه لايملك القدرة على البداية باى منها فيصل إلى مرحلة ” التجمد”.
- تأتى الصورة الآخرى فى شكل “التركيز على فكرة واحده او موضوع معين” حيث لا يحول العقل دفته نحو أى شيء ولا ينشغل الا بشىء واحد، ويبدأ في جمع كل الطاقات المحفزة له، يبنى الأسئلة حوله، يبدأ في حساب عواقب قراره تجاه هذا الموضوع، ماذا لم تسر الأمور كما أراد الشخص؟ كيف سيؤثر قراره سلباً أو ايجاباً على المستقبل؟ اسئلة ثم اسئلة تشكل ضغطاً هائلا ً على العقل ،تسبب له القلق الدائم وعدم الراحة، قد تسلب الانسان القدرة على النوم ،قد تقوده لما يشبه الجنون أحياناً إذا لم يسيطر عليها.
قد لا ينحصر التفكير الزائد على امور مستقبلية أو فكرة تحاول طرحها، لكنه قد يتجسد فى صورة حديث داخلي لا تستطيع التخلص من أثره او محوه من داخلك، كأن تقول لنفسك:
- لم ينبغى ان اتحدث فى اجتماع اليوم، فلقد نظر الجميع إلي وكأنني أحمق.
- لم يكن من المفترض أن اترك عملي السابق، ربما كنت سأصير أكثر سعادة.
قد يشكل القلق نوعاً من التفكير الزائد كأن تتصور أنك لن تستطيع فعل شيء، أو انك تحاول أن تمنح نفسك انطباعاً سيئاً عن ذاتك، أو أنك تتحول لعدو لنفسك تشكل أفكارك خطراً عليك وقد ينتج عن أفكارك أسوأ تأثير على نفسك وعلى حياتك. لنفسك إنطباعاً سيئاً عن ذاتك ، مثلاً تقول “غداً وانا استلم الجائزة، ستتعرق يدى وسيبدو علىً التوتر وربما سيحمر وجهى وسينظر الجميع الى بغرابة.
هذه كانت صور التفكير الزائد فكيف يؤثر ذلك عليك؟
تقول الابحاث العلمية ان التفكير الزائد والخوض الدائم فى تقليل الذات وبث عدم الثقة يؤثر سلبياً على الصحة العقلية والنفسية وقد يدخل الانسان فى حلقة مفرغة يصعب الخروج منها.
وايضاً بعد الدراسات تثبت انه يوجه الى المصابين الى مواجهته من خلال استراتيجيات المواجهة الغير الصحيحة، مثل الإفراط فى الطعام او تناول الكحوليات.
ومن أكبر مخاطر التفكير الزائد هو التعرض لما يسمى ” مشكلة الشلل الذاتى” او شلل القدرة على التحليل، فكمية المعطيات التى تدخل الى عقلك تكون هائلة لدرجة انه يقف عاجز عن تحليلها، قد يؤدى هذا الى وقف قدرته على الاختيار مابين امرين او حل معضلة او رؤيتها بشكل أوضح، وتصف ذلك الموقف هذه المقولة ” ان الكلاب سلمت نفسها للذئب لان كان لديها العديد من طرق الهروب، أما القطط فلقد كان لديها طريقاً واحدا لتسلكهً”
واما اذا طبق ذلك فى مجال العمل، فإننا لابد ان ندرك ان مجال ريادة الاعمال الحديث لم يعد يسمح بان ان تستنفذ عملية اتخاذ القرار وقتاً طويلاً فالافضلية كما يقال للحركة الاسرع لا التأمل الطويل.
اذا فما سبيلك للتغلب على عقلك الذى لا يهدأ ابداً؟:-
اولا: الوعى بالمشكلة هو أول خطوة للحل السريع
انتباهك لما يفعله عقلك، هل بدأ يكرر أفكاره؟ هل بدأ يعيد الأحداث داخله؟ هل بدأ فى القلق من الأشياء التى لم يعد يستطع السيطرة عليها؟ اذاً فان عقلك فى هذا الوقت لم يعد منتجاً.
ثانياً: عمل قائمة لأفكارك
فى كل وقت يخلق عقلك فكرة جديدة ارمها واكتبها فى تلك القائمة، ثم قم بمراجعة اسبوعية لتلك الأفكار، مابدأته قم بإتقانه، وراجع مدى التقدم الذي وصلت إليه فيها وما تحتاجه لإتمامها، بعض الأفكار التي تلاحظ أنك لم تقترب منها أو تحاول العمل عليها عليك أن تتجنبها في الوقت الحالى، أو تخلق لها بدائل، أن اتخذت وقتاً أطول في قائمتك ولم تتحرك عليك رميها وتخليص عقلك من حملها.
ثالثاً: تحدى أفكارك:-
من السهل جداً أن تنقاد الى افكارك السلبية وتستسلم لها، لذلك قبل ان تنجرف الى عليك ان تنبه عقلك انه فى تلك الحاجة يستطيع ان يستخدم سياسية تبديل الافكار واحلال اخرى بدلاً منها، وذلك قبل ان تسيطر عليك الافكار المؤدية للجنون .
رابعاً: وضع جدول زمنى للتفكير:-
ان تظل عالقاً فى مشاكلك لوقت طويل ليس بالوضع الصحى، لكن يمكنك التعامل بتقسيمها على فترات لحلها.
عليك مثلاً تخصيص عشرين دقيقة يومياً من وقت تفكيرك للمشاعر السلبية ” القلق، تكرار المشاهد، الشكوى” بعد هذا الوقت تذكر ان عليك التفكير والانتقال لأشياء اخرى اكثر انتاجية، وان وقت القلق انتهى.
خامساً: غير الاتجاه:-
ربما تقول لنفسك ان التوقف عن التفكير فى المشكلات سيمنعك من حلها، لكن خير وسيلة للحل هو الانخراط فى أفكار اخرى واتجاه اخر، وان تدمج نفسك فى نشاط يتيح لك وقف عقلك عن الاتجاه نحو المنطقة السلبية والتحول الى مناطق اكثر ايجابية وابداع.