crossorigin="anonymous">

مغالطات منطقية تؤثر على قراراتك اليومية

المغالطة المنطقية أو الانحياز التفكيري، هي عبارة عن خطأ في التفكير ينتج عنه استنتاجات خاطئة وغير صحيحة من ناحية المنطق. يمكن أن تحدث بشكل لا إرادي أو عن قصد.

من الهام أن يكون الإنسان قادراً على إلقاء الضوء على طرق التفكير التي تُستخدم فيها مغالطات منطقية، لأنها أحيانا تستخدم في التلاعب بالعقول ونشر معلومات خاطئة، والبعض يستخدمونها للاقناع، وأحيانا يستخدمها الشخص في خداع نفسه لأجل إتخاذ قرارات وفقاً لاهواءه. بعض هذه القرارات قد يكون لها تأثير سلبي على رفاهية الشخص وصحته النفسية والجسدية.

متى نشأ مفهوم المغالطات المنطقية

تم طرح هذه المفهوم من قبل العالمين عاموس تفيرسكي ودانيال كانمان في عام 1972، في إشارة لتشوهات التفكير التي ينتج عنها أحكام غير صحيحة أو غير منطقية

أسباب حدوث المغالطات المنطقية أو التحيزات المعرفية

تنشأ التحيزات المعرفية أو المغالطات المنطقية، عن معتقدات الإنسان وقيمه في الحياة التي تحدد هويته ونظرته للعالم، والتي يعني نقضها أو هدمها التأثير على هوية الشخص وتقديره لذاته، فيميل الشخص لتشويه أو تجاهل المعلومات الجديدة لتتوافق مع معتقداته.

1- الإنحياز التأكيدي   Confirmation Bias

هو أحد أكثر أخطاء التفكير شيوعاً وتأثيراً على القرارات والتفكير. يميل الأشخاص الذي يعانون من هذا الإنحياز إلى إنتقاء الأدلة التي تدعم أفكارهم السابقة، وتجاهل كل ما يتعارض معها.

بالرغم من أن الشخص يقوم بعملية بحث واطلاع، إلا أنه يفقتر للقدرة على اتخاذ القرار الصحيح، لأنه يعاني من عدم القدرة على تقييم الأدلة بشكل موضوعي الراجع لإهمال كثير من المعلومات المؤثرة بارادته.

للتغلب على هذا الإنحياز، يجب على الشخص الاستماع لوجهات نظر مختلفة، والبحث عن أدلة تتعارض مع أفكاره السابقة وتفحصها بدقة. أيضاً يجب عليه الاعتراف بأن معرفته ليست مثالية وأن بعض آرائه قد تكون خاطئه.

2- مغالطة وهم التفوق Illusory Superiority

هو التفوق هو ميل الشخص للمبالغة في تقدير قدراته الشخصية ومواهبة، مع اعتقاد زائف بتفوقه على آخرين في مجال ما، حتى وإن كانت قدراته ومهاراته اقل منهم. تؤدي هذه المغالطة إلى الثبات في مستويات من القدرات والمهارات لأن الشخص يعتقد أنه وصل للقمة، وليس عليه فعل شيء لتحسين نفسه.

للتغلب على هذه المغالطة يجب على الشخص الإعتراف بأنه ليس مثالياً، وأن لديه نقاط ضعف، مع العمل على تحسين القدرات والمهارات بشكل مستمر. كما يجب تقبل النقد البناء والعمل على تحسين الأداء وفقاً لهذا النقد.

3- انحياز الإدراك المتأخر أو الحكمة بأثر رجعي The Hindsight Bias

وهو عندما يميل الشخص للشعور بأنه بأنه كان يعلم ما سيحدث بعد أن يحدث بالفعل، بالرغم من عدم وجود أي دليل على ذلك. يمكن أن يؤدي هذا الإنحياز لأتخاذ قرارات خاطئة لأنه يبالغ في قدرته على توقع النتائج فيهمل اتباع طريقة صحيحة في التفكير وتحليل المعلومات.

لتفادي الوقوع في هذه المغالطة، يجب على الشخص الاعتراف بأنه لا يمكنه توقع المستقبل، وأن القرارات السليمة يجب أن تكون بناءًا على حقائق وبيانات واضحة، والاعتراف أن اتباع نمط واحد من التفكير والتوقع ثم حدوث ما تم توقعه لا يعني أبداً وجود قدرة على التنبؤ بالمستقبل.

4- تأثير الهالة The Halo Effect

تفكير الهالة يحدث عندما يقوم الشخص بتقييم شيء ما أو شخص بناء على صفة إيجابية واحدة يُظهرها بالشكل الذي يؤثر على التقييم العام. على سبيل المثال إذا كان شخص ما يتمتع بصفة إيجابية واحدة مثل الذكاء أو الوسامة أو الصدق، فإننا نميل لافتراض وجود كل الصفات الإيجابية بهم على عكس الواقع.

لتجنب هذا الانحياز، يجب النظر إلى الأشخاص أو الأشياء بشكل عام والاعتماد على أدلة واضحة على تقييمهم في كل شيء على حدة، دون الاعتماد على صفة واحدة.

5- إنحياز الإنجراف The Sunk Cost Fallacy

مغالطة الأنجراف أو التكلفة الغارقة، والمعروفة أيضًا باسم مغالطة الكونكورد، هي تحيز معرفي يحدث عندما يتخذ الناس قرارات بناءً على الاستثمار الذي قاموا به بالفعل، بدلاً من اتخاذ القرار الأفضل لترك هذا الاستثمار الفاشل.  بمعنى آخر، يميل الناس إلى الاستمرار في الاستثمار في مشروع أو قرار لأنهم استثمروا بالفعل الكثير من الوقت والجهد والمال فيه، حتى لو لم يعد من المنطقي القيام بذلك.

يمكن أن تؤدي مغالطة التكلفة الغارقة إلى اتخاذ قرارات غير عقلانية، حيث قد يستمر الناس في استثمار الموارد في مشروع غير مربح أو يستمرون في علاقة لم تعد صحية، وذلك ببساطة لأنهم استثمروا بالفعل الكثير فيها.

لتجنب الوقوع فريسة لهذا التحيز، من المهم التركيز على التكاليف والفوائد المستقبلية للقرار، بدلاً من الاستثمارات السابقة. يجب على صانعي القرار أن يسألوا أنفسهم ما إذا كان الاستمرار في مشروع أو قرار منطقيًا بناءً على الظروف الحالية والمستقبلية، بغض النظر عن الوقت أو الأموال التي تم استثمارها بالفعل.

6- التحيز لخدمة المصالح الذاتية Self-Serving Bias

عندما يميل الشخص لنسب النجاحات والانجازات لنفسه، ويلقي اللوم على عوامل خارجية عندما تسوء الامور. يعد استخدام هذا الانحياز كآلية دفاعية نفسية يستخدمه الشخص بغرض حماية تقديره لذاته، وصيانة صورته الذاتيه عن نفسه.

من الأمثله عليه عندما يُسند لاعب كرة قدم فوزه بالمبارة لإجتهاده، بينما يلقي باللوم على حكم المبارة أو الحظ السيء في خسارته. يمكن أن يؤدي هذا التحيز لاهمال المسؤولية الشخصية، وعدم التعلم من الأخطاء، وقد يراه من حوله أنانياً لا يتحمل مسؤولية أفعاله.

يمكن مواجهة هذا الإنحياز، بأن يكون الشخص أكثر وضوحاً وصدقاً مع نفسه في حالات الفشل والنجاح،  وبالاستماع لآراء الآخرين والاستماع لوجهات النظر المحتلفة.

7-  إنحياز الإستدلال بالتواجد The Availability Heuristic

هو عندما يميل الشخص لتقدير احتمالية حدوث شيء بناءً على تذكر أو توفر تلك المعلومات في الوقت الحالي، دون النظر لمدى دقة هذه المعلومات أو نسبة حدوثها الواقعية. يمكن أن يؤدي هذا الانحياز لتقييم خاطىء للمخاطر واتخاذ قرارات خاطئة.

من الأمثلة على هذه المغالطة، توقع حدوث حوادث طائرات بناءً على التغطية الاعلامية الواسعة التي تحظى بها وليس بناءً على معلومات دقيقة. أو توقع نجاح مشروع تجاري بناءً على السماع عن كثير من القصص في الوقت الحالي.

يمكن التغلب على مغالطة الاستدلال بالتواجد، بتوسيع قاعدة المعرفة والاطلاع وتنويع مصادر المعلومات، والعمل على تقييم الاحداث بناء على معلومات دقيقة وشاملة.

8- أنحياز التفاؤل والتشاؤم   Optimism/Pessimism Bias

أنحياز التفاؤل والتشاؤم يشير إلى انحيازاتنا الشخصية في التقييم والتوقعات للأحداث المستقبلية. فالأشخاص الذين يميلون إلى التفاؤل يتوقعون نتائج إيجابية في المستقبل ويعتقدون أن الأمور ستسير بشكل جيد، بينما الأشخاص الذين يميلون إلى التشاؤم يتوقعون العكس ويعتقدون أن الأمور ستسير بشكل سيء.

ويمكن أن يؤثر هذا الانحياز على القرارات التي نتخذها، فالأشخاص المتفائلين قد يتجاهلون المخاطر ويتخذون قرارات مجازفة بسبب الثقة الزائدة في نجاحها، بينما الأشخاص المتشائمين قد يميلون إلى تفادي المخاطر وتأجيل اتخاذ القرارات بسبب القلق من فشلها.

للتغلب على هذه المغالطة يجب أن نحاول التوازن بين التفاؤل والتشاؤم وعدم الاعتماد بشكل كبير على أي منهما، بل يجب أن نستند إلى الحقائق والبيانات المتاحة لنا عند اتخاذ القرارات، وأيضاً الاعتراف بحقيقة أن الأمور قد لا تسير دائماً كما نتوقع، وأن حدوث مفاجآت وراد في أي وقت.

9- تأثير الإجماع الخاطىء The False-Consensus Effect

تأثير الإجماع الخاطىء هو إحدى أشكال الانحيازات المعرفية والذي يظهر في مبالغة الشخص في تقدير مدى اتفاق الآخرين معه فيما يتعلق بأفكاره، يظن أن النسبة الأكبر تتفق معه، وأن ارائه ووجهات نظهر هي الأصح والأكثر انتشاراً. مع اهمال حقيقة وجود وجهات نظر أخرى واختلافات فردية، مما يؤدي لصعوبة في التفاهم والتواصل مع المختلفين عنه.

للتغلب على هذا الإنحياز، يمكن للأفراد أن يكتشفوا وجهات نظر مختلفة والتحدث مع الآخرين والاستماع إلى وجهات نظرهم، كما يمكنهم الحصول على المزيد من المعلومات عن الآراء والمعتقدات المختلفة في المجتمع.

 

10- مغالطة المرساة  The Anchoring Affect

هو الانحياز الذي يحدث عندما يتم التركيز على قيمة معينة كمرجع لاتخاذ القرارات اللاحقة، حيث تصبح هذه القيمة مرجع لاتخاذ قرارات حول هذه القيمة، حتى لو كانت هذه القيمة غير صحيحة أو لا علاقة لها بالواقع.

على سبيل المثال، ذا سألت بائع عن سعر منتج ما وقدم لك البائع سعراً عالياً جداً، فقد يستخدم هذا البائع السعر كمرساة ويستخدمه كسعر حقيقي، حتى لو كان السعر غير حقيقي أو منطقي ولا يتوافق مع قيمة المنتج.

لتجنب مغالطة المرساة على قراراتك، يجب عليك البحث عن مصادر معلومات متعددة لإيجاد تقييم عادل ودقيق بناءً على معلومات وبيانات واضحة.

11- مغالطة تأثير المعلومات المضللة The Misinformation Effect

هو تأثير نفسي يحدث عندما يتم تغيير ذاكرة الشخص عن حدث ما بمعلومات خاطئة أو مضللة تقدم له، فيعتقد الشخص أن المعلومات الجديدة هي جزء من ذاكرته الأصلية. يمكن أن تؤثر هذه المغالطة على القرارات لانها تكون بناءً على معلومات خاطئة أو مضللة.

على سبيل المثال عندما يشاهد شخص حادث سيارة ويقوم باعطائه تقرير عن سرعة السيارة فيه سرعة مختلفة، ثم يسأله عن سرعة السيارة فيما بعد، فيميل الشخص لتذكر سرعة السيارة بناء على معلومات التقرير، وليس بناءً على معلوماته الأصلية.

في النهاية، يقع الجميع في فخ المغالطات المنطقية،لأن العقل البشري مُبرمج على ايجاد اختصارات تسهل عليه التفكير والحكم على الأمور. التعرف على المغالطات المنطقية أو أخطاء التفكير، بلا شك يساعد في اتخاذ قرارات سليمة ومدروسة، كما تحمينا من تلاعب الآخرين بالوعي بها عندما يستخدمونها ضدنا.

!-- Google Tag Manager (noscript) -->