الحياة المعاصرة التي نعيشها هي أكبر مصدر للقلق، فكل يوم نسعى بكل جهدنا لتحقيق المزيد من النجاحات، ويظل الخوف من الإخفاق هو أول شيء يقلقنا. لا أعرف هل هذا من حسن حظنا أو من سوئه، لكن هذا هو الواقع. الواقع الذي يقول أن لدينا الكثير من مصادر القلق مثل الخوف من فشل العلاقات، تحقيق النجاح، ضمان الدخل، وغيرها. لكن قلق العمل هو أكثر الأشياء المتعبة التي نمر بها. فكل شخص منا صار لديه الكثير من المهمات على مدار اليوم وأصبح من الصعب أن ينقضي يومك أو تنام دون أن ينهض أمامك شبح العمل ويقض مضجعك. فإذا كان هذا حالك فدعنا نساعدك ونقول لك ما الذي عليك القيام به.
ما هو تعريف قلق العمل؟
يعرف هذا النوع على أنه نوع من الاضطرابات التي تشمل العصبية والتوتر بشأن كل ما يخص العمل وتحقيق الأداء الأفضل والحصول على ترقيات. وهذا يؤثر على الأداء الوظيفي والعلاقة مع الزملاء. ليس ذلك فقط، بل يؤثر أيضاً على الحياة الشخصية والنفسية والصحية للأفراد. وهناك الكثير من الدول التي سجل الموظفون داخلها معدل كبير من الإصابة، فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية يعاني حوالي 40% من الموظفين من قلق العمل.
كيف تتعامل مع قلق العمل؟
من الصعب أن نقول أن أي نصائح سوف تتبعها سوف تنهي قلق العمل بشكل نهائي، لكن من ناحية أخرى فإن هناك الكثير من الأشياء التي تساعدك على التعامل مع الضغط والخوف بشكل أكثر إيجابية. فهذا الغليان الذي يشتعل داخل عقلك يحتاج إلى قنوات كثيرة لتفريغه. أما أهم الوسائل التي تساعدك على القيام بذلك فهي كالتالي:-
لا تحاول قمع القلق
في رأي الخبراء النفسيين فإن الشعور بالقلق شيء طبيعي جداً، فتحمل مسؤوليات العمل يعتبر سبباً أساسياً في الشعور بالتوتر، لكن الحل ليس قمع هذا الشعور إطلاقا. لذلك عندنا تبدأ في الشعور بالتوتر اسمح لنفسك بالتعامل معه لفترة دون إنكار أو محاولة لقتله بل اتركه لفترة حتى تبدأ التفاهم معه.
العمل داخل حدودك
أحياناً نصاب بالقلق لأننا نعمل بالطريقة الخاطئة. على سبيل المثال يظن البعض أن الحصول على المهام الكبيرة في نفس الوقت ووضع أخطاء كبيرة في فترة زمنية قصيرة هو أسرع طريق للنجاح، لكن في الحقيقة هذا هو أسرع طريق للطبيب النفسي. لذلك اعرف ما هي قدراتك ووزع المهام بالطريقة التي يشعر عقلك بالراحة معها. مثلاً لا تقم بالرد على الرسائل الإلكترونية إلا بعد إنها المهمة الأكبر، أو لا تخصص يوم من اجل مناقشة المشاكل الحالية وفي نفس الوقت وضع خطة للتطوير، بل إذا كان هناك مشكلة فخصص كل الوقت لحلها وفي اليوم التالي ابدأ في مناقشة خطط التطوير.
أخذ مساحة للراحة
أحيانا مع ضغوط الحياة تصبح الاجازات واوقات الراحة من العمل مصدر للمزيد من القلق،والعقل البشري له سعة عمل مثل معالج أجهزة الكمبيوتر ومثل محركات السيارات والطائرات، فهو له سرعة معينة لو تجاوزها سوف يبدأ في الاحتراق.
لذلك لا تهمل أوقات الاستراحة واحرص عليها من وقت للآخر، أحرص على اخذ فترات استراحة قصيرة تتخلل أوقات العمل، مثلا يمكنك تخصيص أوقات صغيرة خمس أو عشر دقائق كل ساعتين، يمكنك تخصيص هذه الأوقات لممارسة انشطة مثل التأمل أو القراءة أو الاستماع للقرآن أو أي شيء يساعد في تخفيف التوتر وضغط العمل، واحرص على جعل عطلتك الاسبوعية بعيدة تماما عن العمل.
ضع مخاوفك على الطاولة وواجهها
أحياناً يدخل التوتر إلى عالمنا نتيجة الخوف من التعامل مع أشياء غير متوقعة. أو الشعور بالقصور تجاه مهمة معينة. لذلك عليك أن تحدد سبب القلق وبالتالي تبدأ في الحل. على سبيل المثال قد تكون مخاوفك متعلقة بالتحدث أمام الجمهور، أو شرح فكرة جديدة، لذا قم بالتدريب ومعرفة أفضل الطرق لحل ذلك. سوف تساعدك الممارسة المستمرة على التخلص من المخاوف والقلق في نفس الوقت.
قدم العناية لنفسك
قاوم القلق بتقديم العناية لنفسك، هذا الأمر يتطلب الكثير من الأشياء المهمة. على سبيل المثال ابدأ في اتباع نظام غذائي صحي من خلاله تحصل على البروتين والفيتامينات والألياف مع التقليل من الكافيين. كذلك قم بتخصيص ساعة واحدة في اليوم للمشي أو ممارسة الهوايات. لا تنسى الحصول على كوب من الشراب الدافئ مثل الشاي الأخضر أو شاي البابونج والحصول على نوم مريح، كذلك خلال النوم تأكد تماماً أن كل وسائل الاتصال بك مغلفة تماماً.
لا تجعل القلق يسيطر على حياتك
أكبر الأخطاء التي نقوم بها هي الاستسلام للقلق، على سبيل المثال إذا كنت قلقاً من تحقيق الأهداف الشهرية لوظيفتك فإن القلق سوف يدفعك لدفع كل جوانب حياتك للوراء، سوف تترك المحادثات العائلية، سوف ترفض الخروج مع الأصدقاء، كذلك قد تسرف في تناول الكافيين وتحصل على طعام غير صحي. وقد يمتد الأمر في التقصير وعدم القيام بالواجبات الخاصة بأطفالك أو زوجتك. هذه هي الحالة التي ينتصر فيها القلق عليك. لكن لو تمسكت بكل جوانب الحياة الخاصة بك وتركت وقت القلق للعمل سوف تتخلص منه بسرعة.
ابحث عن الأشخاص الأقرب
وجود الأصدقاء في حياتنا يفعل الكثير. لذلك حاول أن تكون متصلا بالأكثر قرباً، لا عيب في أن تطلب منهم إعطائك الدعم في هذه الفترة ومحاولة التخفيف عنك. اعي مساحة لعقلك للتنفيس عن مخاوفه أمامهم وسوف يكون لذلك نتيجة مبهرة إلى حد كبير.