crossorigin="anonymous">

لماذا سيحكم المبدعون المستقبل؟

يقول دانيال .اتش .بينك فى كتابه ” عقل كامل جديد” “كانت العقود الماضية ملكاً لاشخاص من نوع معين، مبرمجى الكمبيوتر القادرين على عمل البرامج بسرعة وتلقائية والمحامين القادرين على كتابة العقود بمهارة وحملة ماجستير ادارة الاعمال القادرين على معالجة الارقام بحرفية ..لكن مفاتيح العالم فى الطريق ليمتكلها اشخاص اخرون ..ذوى عقول من نوع مختلف، هؤلاء هم المبدعون الذين سيحصدون اكبر المكاسب فى المجتمع .”

اذا فربما صار لأصحاب العقول العادية مكاناً ضئيلاً جداً فى عالم الغد. ويبدو أن المبدعون سيكونوا اصحاب الكلمة العليا، ولكن فلنترك فكرة الكتاب ومن سيحكم العالم قليلاً ونتسائل ماهو العقل المبدع ومن هم أصحابه وهل هو منحة نولد بها ام مهارة نجتهد لكى نصل اليها؟؟

اما عن العقل المبدع ففى كتاب “تكسير الابداع” يصف الكاتب مايكل ميكالكو العقل المبدع بانه ليس العقل الذى يتسائل “فى ماذا يفكر ؟” لكنه العقل الذى يتسائل “كيف يفكر ؟”.

فالعقل المبدع هو الذى يبتكر افكاراً خاصة وله العديد من صفات منها:

  • انه يستطيع عمل روابط بين عناصر الكون غير التى يفكر بها الآخرون، فيقوم بربط اشياء تبدو بعيدة وغير متصلة ويفسرها ويجد بها معنى مختلف ودفين لايستطيع العقل العادى أن يصل اليه..
  • كذلك يرى ماوراء الصورة العادية ويحلله ويستنتج منه اشياء مختلفة، ويضرب مثل بالفنان” ليناردو دافنشى “حين قام بربط جرس رنان فى حجر مسطح ثم وضعه فى الماء فتسبب فى خلق موجات ومن ذلك استنتج ان الصوت يسير فى موجات تماماً كالماء.
  • وتتمثل ايضا صفات العقل المبدع فى انه يجد مالايبحث عنه، تماماً كالاكتشافات العلمية التى تمت بالصدفة، تلك الاكتشافات ادركها عقلاً استطاع معرفة سرها بالرغم انه لم يكن يبحث عنها، وفى ذلك يقول عالم النفس سكينر ” حين تجد شيئا مثيرا للإهتمام أترك كل شيء حولك وأدرسه ، فالناس لديهم ملايين الصدف الرائعة التي توفر لهم رؤية بعيدة المدى ولكنهم لا يركزون على تجاربهم هذه ومن ثم يفقدون كثير من الفرص”.
  • ويمتاز العقل المبدع بانه منتج، حيث يكون متدفق وانسيابى فى التفكير معظم الوقت بل يذهب الكاتب ليقول ان المبدعين لايتوقفون عن التفكير لحظة واحدة.

ولكن هل يستطيع أى منا ان يمتلك عقلاً مبدعاً؟ يؤكد ميكالكو ذلك ويقول اننا نستطيع ان نطور من شخصيتنا لتصبح كذلك، وذلك يأتى من خلال تدريب العقل على انسيابية وطلاقة الافكار، فكل انسان يولد عبقرى والمجتمع من حوله اما يساعده على ان يطور ذلك او يقتله وهذا يعتمد على اختيار الانسان ذاته.

اذاً فالابداع هنا لايتوقف على منحة الهية فقط ولكنه طريق وسعى لايستطيع ادراكه الكثيرون لذا دعونا نتكلم عن الصفات الشخصية للمبدعين والعباقرة

اولاً : دائمين التعلم.

لديهم ميل لمعرفة كل شىء، يجدون ان كل يوم جديد هو فرصة لان تضيف لحياتك معرفة حقيقية.. ولايتوقفون عند جانب واحد من المعرفة بل ان لهم شغف بالتعرف للغات والثقافات والعلوم المختلفة.

ثانياً: يتمتعون باحلام اليقظة

فهم يعرفون مدى القوة الكامنة فى العقل وقدرتها على تحفيز طاقات الخيال داخله ومن ثم بناء احلام كبيرة والسير خلفها

ثالثا: لديهم فضول قوى لاستكشاف العالم.

يريدون معرفة كل شىء فى العالم حولهم بكل تفاصيله ، و لديهم رغبة ملحة فى معرفة كيف يعمل كل شىء وماهى قوانينه، ومن ثم فانهم يبدأون فى التساؤل والبحث الدقيق الذى عادة يوصلهم الى نتائج وافكار جديدة ومبتكرة؟

رابعاً: يفهمون قيمة كلمة “لا”.

انهم يدركون قوتها ويعرفون ان ليست كل الفرص تقودهم فى الاتجاه الصحيح ،كذلك يدركون قيمة الوقت ومالمفترض ان يدخل حياتهم وما المفترض الا يدخل ابداً.

خامساً: يأخذون وقتاً للراحة .

يدركون ان عليهم اخذ وقت للاسترخاء. حينما يستطيع العقل اخذ قسطاً من الراحة، يستطيع ان يعود للعمل بكامل نشاطه من جديد بعد فترة الراحة.

ومن هنا لو عدنا الى فكرة دانيال بينك فى ان المبدعون هم الذين سيحكمون العالم سنجد ان ليس من السهل ان يتمتع الجميع بتلك الصفات ولكنه ليس من المستحيل ان يسعى الجميع اليها، فالانسانية لاتتوقف والتطور لايتراجع وكل زمن له عوامل محددة هى التى تمنح بعض البشر فيه السعادة وتمنح البعض الشقاء ..فإن كان الكل ولد متساوياً وله عقل انسانى فان اكتساب تلك الصفات ربما لايكون بالأمر السهل لكنه ليس بالمستحيل..فقط يتوقف على موقف الانسان من الحياة ومن الغد ومن رغبته فى اللحاق بالسعى الانسانى نحو التطور ،فهنا عليه ان يقرر هل يسعى ليصير مبدعاً ام يتوقف عند عقله البدائى الأول فيظل مكانه حبيس تلك البقعة الضئيلة من العالم الجديد والتى لن تكون بالتأكيد للمبدعين.

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->
%d مدونون معجبون بهذه: