crossorigin="anonymous">

من الممكن أن تفقد ما تخاف أن تفقده

قصة سحر أنها كانت تمتلك شعور الخوف دائماً من خسارة أحلامها المستقبلية، على الرغم من أملها الواسع في الحياة، ولكن شعور  الخوف الذي يراودها كان يحطم بعض أحلامها، ومن هنا تبدأ القصة: دارت الأيام ودخلت سحر الثانوية العامة وكان حلمها الأوحد منذ الصغر أن تلتحق بكلية الصيدلة وتَولد عندها حلم كلية الصيدلة منذ مرض أبيها الذي لم يكن له علاج في هذه الأوقات، فكانت تأمل لو تمتلك من العلم ما يكفي لاختراعها الدواء الذي يُعالج أبيها، وبعد مرور شهور قليلة من مرض أبيها فقدته إلى الأبد ولكنها ظلت على أمل بهذا الحلم لتعمل ما في وسعها لتعالج المرضى الذين يعانون من نفس هذا المرض.

كانت سحر تخاف من فشلها في الحصول على درجات الثانوية العامة التي كانت تؤهلها للحصول على كلية الصيدلة، فكانت تستمر في استذكار دروسها لأوقات متأخرة من الليل ولساعات عديدة طوال اليوم ولا تنام إلا القليل من الوقت حتى أنها كانت تستيقظ خلال نومها العديد من المرات من شدة قلقها، ولو كان في استطاعتها أن تمتنع عن النوم حتى تصل إلى كلية الصيدلة لفعلت ذلك، وكان في نهاية كل يوم تفكر في الامتحانات وتخاف من عدم وصولها لكلية الصيدلة وتبكي حتى أن تصاب بالإحباط وتنام من الإرهاق.

وظلت سحر على حالها هذا حتى أصابها التعب والمرض الحاد من شدة البكاء وخوفها من الامتحان وامتناعها عن الطعام فكانت لا تأكل إلا القليل، وتم نقلها إلى المستشفى لتتلقى العلاج، ومنذ ذلك اليوم ابتعدت عن المذاكرة تماماً لدرجة أنها كانت تبكي كلما فتحت كتاب لبدء الاستذكار وتصاب بتعب وصداع حاد، وأتى يوم الامتحان وحينها كانت سحر قد نسيت كل ما ذاكرته من قبل من بداية دراستها للثانوية، فدخلت الامتحان وهي تعلم أنها لم تحصل على الدرجات التي تؤهلها لكلية الصيدلة وهذا ما حدث بالفعل وفقدت سحر ما كانت تخاف أن تفقده!!!

الآن دعني أسألك:

هل صادفت مثل هذه التجربة من قبل منذ ولدت على هذه الأرض؟ هل تتوقع أن يحدث معك مثل ما حدث مع سحر؟.

في الحقيقة الإجابة نعم! بالطبع أن كل إنسان تصادفه مثل هذه التجارب في حياته الشخصية، ولكن تختلف درجة تأثير التجربة واتجاه التأثير من شخص إلى آخر، فمثلا هناك شخص يستغل مثل هذه التجربة بأن يفكر بذكاء وحكمة شديدة للتقدم والبحث عن حلم جديد إن لم يحصل على حلمه الحالي وبهذا قد استغل خوفه في اتجاه إيجابي قد دفعه للأمام والنعيم بسعادة  جديدة، وهناك شخص تنقلب حياته تعاسة ورعب من مثل هذه التجربة، فتجعله يفقد الأمل في الحياة ويتوقف عن التفكير في حلم جديد، وبهذا قد دفعه الخوف لاتجاه سلبي وهذا سلوك خاطئ ويدفعه دائماً لأن يفقد ما يخاف أن يفقده.

ما هي استراتيجيات التعامل مع هذا الخوف؟

  • التفكير: فكر جيداً في الأشياء التي تعتقد أنها مهمة لحياتك، وأول ما تفعله أن تدعو الله يكون بعونك ويعينك على الحفاظ عليها.
  • دون أمامك خمس أسباب في عقلك عن سبب تمسكك بهذا الشئ ولما هو مهم في حياتك.
  • دون الأسباب التي من الممكن أن تحدث وتجعلك تخاف من فقدان هذا الشئ.
  • دون الكيفية التي تسعى بها لتتجنب فقد هذا الشئ مع التحديات التي تفعلها في توقع حدوث فقد الشئ أو بقاءه.
  • الآن خذ نفس عميق واجعل مرات الشهيق أكثر من الزفير لتشعر بالاسترخاء.
  • أغلق عينيك لبضعت دقائق وأنت تتخيل في ذهنك مدى توازن نفسك وراحتها مهما حدث من نتائج.
  • كرر هذا القول بينك وبين نفسك خمس مرات (أنا لم أضعف مهما كانت النتائج وهذا تحدي وأثق تماماً من نفسي)
  • أفتح عينيك وابدأ في تنفيذ الخطوات التي دونتها في كيفية التعامل مع الشئ موضع الخوف من فقده وكن حذر في التنفيذ وتمتع بالهدوء والحكمة.

من هذا اليوم استعن بالله واعلم أن الخوف نعمة من عنده، والخوف سلاحه ذو حدين فحاول استغلال سلاحه الإيجابي وستجده معلم كبير لك في حياتك، واعلم أنه يمكنك الاستمتاع بالحياة إن عشت لحظاتك الحالية في الحياة وكأنها آخر لحظات فيها، عش بالحب والكفاح، عش بالصبر واعلم قيمة الحياة، عش بالعمل والاجتهاد.

 

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->
%d مدونون معجبون بهذه: