فى السنوات الأخيرة تغير سوق العمل بشكل كبير. وصارت فكرة الحصول على الوظيفة محددة الوقت ( 9ص إلى5م) شىء لايفضله البعض، وصار البحث عن العمل الحر عن بعد أكثر وفى مجالات عدة.
فالعاملون يبحثون عن عمل خارج المكاتب التقليدية، و يفضلون العمل من خلال المنزل، المقاهى العامة، أو أى مكان يناسبهم خارج مقر العمل الرسمى.
والأمر لم يعد يقتصر على العاملون وحدهم، بل حتى الشركات صارت مستفيدة من هذا النظام فهى بذلك لاتضطر لإستئجار أماكن كبيرة المساحة وعالية التكاليف حتى ينفذ من خلالها العمل، وهى بذلك توفر الكثير من المصروفات.
لماذا لم يعد الموظفون يفضلون ساعات العمل الثابتة؟
ولكى نرى الموضوع بصورة أفضل ونعرف لماذا لم يعد الموظفون فى الألفية الجديدة يفضلون ساعات العمل والحصول على وظيفة ثابتة دعونا نتعرف على الاسباب:-
أولاً:- صار يشكل إجهاداً كبيراً على العاملين.
العمل حوالى 8 ساعات صار يمثل نوع من الضغط على بعض العاملين، وصار الجميع يتسائلون مالذى يجعلنا نذهب للعمل يومياً دون أن نجد فترة للراحة أو الإسترخاء ودون أن نحقق المتعة.
ويجد العاملون ان العمل عن بعد يجعلهم اكثر إنتاجية، فهم لديهم مرونة فى تنفيذ المهام اليومية بالشكل الذى يريدوه، لذا يكون لديهم وقت كافى لتحقيق المتعة فى الحياة وممارسة الهوايات التى يحبوها بعيداً عن جو العمل.
وقد أوضحت إحصائية أن حوالى 173.000 امريكياً من الذين يعملون داخل المقرات يعانوا من مشاكل صحية وخاصة المتعلقة بمشاكل أسفل الرقبة والظهر،وهم الأكثر تعرضاً لإرتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم.
ثانياً:- إحتمالية تعرض الموظفين للكسل والتشتت.
يخاف أصحاب الشركات التعامل مع هذا النوع من الموظفين خوفاً من تعرضهم للإسترخاء والكسل لعدم وجود إشراف أو مراقبة مما يؤدى إلى تشتتهم وبالتالى عدم إكمال مهامهم المحددة.
لكن وطبقاً لإحصائية قامت بها مجلة INC فإن الموظفين الذين يعملون عن بعد لديهم القدرة على العمل أكثر من 40 ساعة اسبوعياً وإنتاجية أكثر بنسبة 20% من الموظفين داخل المكاتب.
ثالثاً:- الموظفون لايحتاجوا للتواجد المادى داخل المؤسسات.
هناك وسائل حديثة دخلت إلى مجالات العمل، قللت من ضرورة تواجد الأشخاص داخل مقرات العمل، فمثلاً إمكانية عمل مؤتمرات وإجتماعات من خلال الفيديو أو التواصل عبر الإنترنت، كذلك من خلال بعض التطبيقات التى صُممت خصيصاً للتواصل بين العاملين فى المقرات والعاملين خارجها. كل هذا سهل من عملية العمل عن بعد .
رابعاً:- ماهو المكان الأفضل للعاملين عن بعد لكى يستطيعوا العمل من خلاله؟
وجود بيئة مناسبة للعمل شىء مهم لأنه يؤثر فى راحة وسعادة الموظفين وبالتالى على إنتاجية العمل.
لذا هؤلاء الذين لايفضلون العمل فى المقرات الرسمية يجدون راحتهم من خلال المنزل او المقاهى، أما هؤلاء الذين يفضلون العمل المشترك والبيئة المحفزة لهم، فلديهم الأماكن التى توفرمساحات العمل المشتركة وبالتالى يجتمع عدد كبير من العاملين فى مجالات مختلفة وذلك يوفر بيئة جييدة لكسر الملل والإبداع.
خامساً:- العاملون عن بعد أكثر سعادة.
وهذا شىء أثبتته الدراسات والإحصاءات العلمية، حيث وجد ان العاملين داخل المؤسسات لديهم حالة أقل من الراحة، كما ان لديهم إحساس دائم بعدم وجود قيمة للعمل الذى يقوموا به، ودائماً هم اكثر عرضة للامراض التى يسببها القلق والضغط العصبى، وذلك على عكس العاملين عن بعد.
أما الشركات فانها مستفيدة من وجود الموظفين خارجها فى حالة من الرضا والإرتياح، ففى إحدى الدراسات إتضح ان الذين يشعرون بالسعادة أكثر كفاءه فى أدائهم، ولقد تمت هذه الدراسة شملت العديد من الخبرات لاكثر من 700 شخص ووجد أن السعادة تؤدى الى زيادة الكفاءة بنسبة 12%.
سادساً:- العمل عن بعد يساعد الشركات على تقليل التكاليف.
فإستحضار العديد من الموظفين يومياً إلى نفس المكان يتطلب إستئجار مساحة كبيرة لتوفير المكاتب الطولة لهم، وهذا الأمر يكلف الشركات مبلغ فائق من الإنفاق.
لذا فالشركات تستطيع تقليل هذا الكم من النفقات من خلال تعيين عدد اكبر من الموظفين العاملين عن عبد، وذلك من شانه توفير نسبة الإنفاق على الموظف الواحد بحوالى 11الف دولار سنوياً. وذلك من خلال اتاحة العمل لهم خارج المقر بنصف الوقت الذى يتطلب من العاملين الأخرين.
وفى تقرير لـ (Global Workplace Analytics) ذكر أن الحكومة الفيردرالية إستطاعت توفير حوالى 32 مليون دولار فى الوقت الذى اضطر العاملين فىه للعمل من خلال المنزل لمدة أربعة أيام بسبب أحوال الطقس السيئة.
سابعاً:- الإنتقال لمقر العمل ليس متاحاً لكل الموظفين.
الشركات التى لاتعتمد نظام العمل البعد قد تفقد العديد من الفوائد التى قد تستغلها الشركات الأخرى، ومنها انها قد تفقد موظفين لديهم خبرة وكفاءة عالية لسبب عدم قدرتهم للإنتقال الى المقر ان كان بعيداً جداً او فى مدينة أخرى.
والمعوقات التى تمنع الموظفين للإنتقال لمقر العمل الذى يكون خارج مدينتهم او بلدهم كثيرة منها ارتباطهم بعائلاتهم أو احتياجهم لرعاية الأطفال لوقت ما، واحيانا يضطر البعض لترك عمله ليلتحلق بالوظيفة الجديدة وكل هذا يُخسر الشركات فرص بشرية كبيرة.
اذا فالعمل 8 ساعات يومياً داخل الشركة امر غير مناسب للجميع، فهو منطقياً لمحبين الروتين او الذين لايحبذون العمل الا من خلال المركز الرسمى وتحت الإشراف، اما هؤلاء الذين يحبون الإبداع ويفضلون العمل بعيداً عن الضغط وفى جو اكثر حرية فهؤلاء هم الذين لايجدون فى العمل المنتظم شىء يمنحهم السعادة والنجاح.
ترجمة عن