كل إنسان بطبيعته يرغب في أن يكون محبوباً ورائعاً في نظر الآخرين، لكن مع الوقت والمبالغة في الإهتمام بكلام الناس وآرائهم تصبح شاغلنا الشاغل في الحياة، وأسوأ ما ينتج عن انشغالنا بكلام الناس والطريقة التي يفكروا بها بشأننا أنه قد يشغلنا عن الإهتمام والتفكير بأنفسنا. كلام الناس قد يتحول لمصدر قلق دائم وازعاج لا ينتهي، وتفكير لا ينتهي ومراقبة للنفس في كل شيء، وتصبح حياتك بكاملها تحت رحمة الناس.
مع مبالغتك في تفسير كلام وتصرفات الناس معك ومنحها اهتماماً أكبر مما تستحق؛ فإن مجرد كلمة أو نظرة ازدراء أو ابتسامة في غير موضعها قد تفسد يومك بأكمله، ومع الوقت تصير كل حياتك على هذا المنوال، فيصبح القلق والأرق رفيقك في كل كل وقت ومكان. لكن لا تقلق فسوف نساعدك في هذا المقال على تجاوز تأثير تأثير كلام الناس وتصرفاتهم على حياتك. سوف تكون أكثر ثباتاً وقدرة على التعامل مع آراء الناس وكلامهم عنك.
كيف تجعل كلام الناس لا يؤثر بك؟
الآخرين لا يهتموا كما تعتقد
الناس غارقون في حياتهم ومشاكلهم، وتعبير أحدهم عن رأيه في شيء يفعله، لا يعني أن مشغول بك أو يهتم بالطريقة التي تظنها. لعلك تذكر أسوأ المواقف المحرجة التي رأيت أشخاص يتعرضون لها. هل تذكر الحيز الذي شغله ذلك من تفكيرك؟ بالتأكيد لم يتجاوز لحظة حدوثه وعلى أقصى تقدير لم يتجاوز اليوم الذي حدث فيه. في كثير من الأحيان يكون مجرد رأي عابر، أو فقط يبدي اهتمامه لحظة وجودك لكنه لديه حياته في النهاية التي سينشغل بها بمجرد أن تغادر.
جزء كبير من مشكلة اهتمامك بكلام الناس وآارائهم قد يكون نابعاً من داخلك، ربما قد تكون تربيت في طفولتك على ضرورة الظهور بمظهر جيد أمام الناس، أو ربما اعتدت نمط من التفكير السلبي جعلك تسرع أفكار سلبية. يصبح من الجيد الإنخراط في انشطة إيجابية تلهيك عن أفكارك السلبية والتعامل معها، بعض كلام الناس قد يكون رد فعل طبيعي لكونك في دائرة الضوء أو تحظى بنوع من الشهرة، ومع مرور الوقت يصبح الكلام بدون تأثير ولا احد يهتم به.
لا تدعهم يعرفون عنك أكثر من اللازم
احتفظ بأسرارك بعيداً عن الناس، ففي بعض الأحيان أصبح طريقة لمنع كلام الناس هي بعدم منحهم ما يتكلمون عنه، إذا كنت تحكي أسرارك لبعض الاصدقاء فقد تحتاج للتوقف، لأن كل شخص ليست لديه القدرة على كتمان أسرارك.
تقبل ضعفك وفشلك
عندما يصل كلام الناس معك لمرحلة أنه يمنعك من خوض أي تجربة أو الإقدام على فعل أي شيء؛ فأنت قد وصلت لمرحلة الخطر، وعليك أن تتوقف فوراً وتبدأ في عمل ما تحبه، فالأنسان ينمو ويتقدم من خلال خوض التجارب والفشل والتعلم، فالناس في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر فقط إذا أكملت ولم تلتفت لهم.
لا تظهر تأثرك
يكون الهدف من كلام الناس بطريقة سلبية هو محاولة مضايقتك وافساد حياتك، إذا شعرت بالضيق فأنت تمنحهم ما يريدون، فإذا كان كلام الناس من النوع الذي يحمل إساءة ولا ترغب في تجاهله، فعليك بالرد أو اخبارهم واظهار اعتراضك، معظم هولاء الأشخاص يكون الجبن طبعهم، وهم مستمرون في مضايقتك لأنهم ظنوا أنك ليس لديك رد عليهم، أو أنهم كلامهم يحمل معاني مختلفه لذا فإن أفضل حل هو التوقف والإعتراض وسؤالهم عن الغرض من كلامهم، وسوف تفاجىء بجبنهم وتراجعهم.
راقب أفكارك
يميل البشر للإستسلام للأفكار السلبية، وهناك العديد من الأمثلة على التشوهات المعرفية أو المغالطات المنطقية – وهي تعني الميل للاتستلام للأفكار الغير منطقية واللامعقولة- وكثيراً نجد أنفسنا نفترض الأسوأ ونتجاهل الأمور الإيجابية. أو قد نفرط في التفكير والتوقعات. راقب أفكارك وحللها واستبدل الأفكار السلبية بأخرى إيجابية بدلاً من التفكير المفرط والإنسياق خلف الأفكار السلبية.
تخلص من الرغبة في الوصول للكمال
الرغبة في الوصول الكمال أو Perfectionism قد تدفعك لوضع معايير عالية بالنسبة لما تتوقعه من معاملة الناس في كل شيء، وقد تجعلك تقسو على نفسك في محاولة عدم ارتكاب أي أخطاء وجعلك نفسك تبدو مثالياً في كل شيء. تقبل نفسك عندما تخطئ، فالجميع يخطؤن، والناس سوف يحبونك عندما تحب نفسك بعيوبك ونواقصك.
آراء الآخرين عنك لا تعكس سوى ما بداخلهم
آراء الأخرين بشأنك وبشأن كل شيء في حياتهم تكون نتيجة لخبراتهم وتجاربهم في الحياة، أنت نفسك ترى في الآخرين اشياء مستهجنة بالنسبة لك في تصرفاتهم. اعرف نفسك جيداً وافعل ما يرضيك وما تحبه وما تريده، حياتك وطبيعتك لها خصوصية لأنك مختلف عن الآخرين وهم أيضا مختلفون عنك، وما يناسب شخص ما ليس بالضرورة مناسب لك، فكر في خياراتك واختر ما يناسبك لأنك وحدك القادر على تحديد المناسب والأفضل لك.
الأشخاص ربما ينتقدونك لاستغلالك أو بدافع الحقد عليك
هناك شخصيات سامة يكون لديها الرغبة في التحكم بك أو السيطرة عليك أو ابتزازك لفعل شيء، قد تكون ارائهم السلبية بدافع الرغبة في التحكم بك او التسلط أو قد يكون إنتقادهم بدافع الحقد والحسد، البعض لا يعجبهم أي شيء، وأفكارهم وآرائهم السلبية سببها الوحيد أنهم سلبيون.
عندما تستجيب لكلام الناس أنت وحدك من تدفع الثمن في النهاية
عندما يحاول شخص دفعك للتتصرف بناءاً على أرائهم ومقترحاته؛ فأنت وحدك من يدفع الثمن في النهاية، سواء كانت تلك الأراء بطريقة مباشرة أو في صورة ضغط عليك، عليك أن تفكر جيداً قبل الإقدام على أي خطوة أو اتخاذ أي قرار. إذا جعلت وقتك وطاقتك تحت رحمة شخص آخر فلن يكون لديك الوقت لنفسك ولحياتك، فقط اعرف ما تريد ولا تفعل سوى ما أنت مقتنع به وهام لحياتك.
كلامهم وآرائهم ستتغير فلا تكن لعبة في ايديهم
البشر في حالة دائمة من التغير، أنت نفسك إذا فكرت في الموضوع ستجد أنك تغيرت في السنوات الماضية، شخصيتك الآن ليست هي شخصيتك منذ خمس سنوات وستتغير في المستقبل، واعتقاد احدهم أنك تصرفت بشكل خاطيء في الوقت الحالي قد يتغير بسهولة في المستقبل، فقط دع مبادئك وقيمك هي التي تحدد ماذا تفعل وماذا تقول وماذا ترتدي وكل شيء، لا تشغل بالك سوى بالأراء البناءة والواضحة والتي تصب في مصحلتك.
من المستحيل أن ترضي الجميع
محاولتك ارضاء الجميع مستحيلة وإذا حاولت ذلك ستفقد شخصيتك وآصالتك في النهاية، وستصبح عبارة عن “كوكتيل” من أراء الناس وشخصياتهم، ليس عليك سوى أن ترضي نفسك.
ماذا تفعل مع الأشخاص الذين هم بارعون حقاً في اصطياد العيوب ونقاط الضعف؟
بعض الأشخاص أمثال النرجسيون أو السيكوياتيين، بارعون في استغلال نقاط الضعف لديك ومعرفة عيوبك التي يمكنهم استغلالها، واحداث أذى نفسي بك. قد يتلامس كلام الناس أو انتقادهم مع عيب أنت نفسك تعترف بوجوده وتشعر بعدم الأمان تجاهه بداخلك، أو جانب من عيوبك لم تستطع بعد التصالح مع نفسك بشأنه.
يصبح الحل في هذه الحالة بالمزيد من التصالح مع الذات والعيوب الشخصية، بمجرد أن تعترف بعيوبك لن يستطيع أحد أن يستغلها ضدك. وتذكر أن الناس مهما قالوا لك، أو مهما تجاهلوك، أو مهما كانت الطريقة التي ينظرون بها إليك فلا شيء شي يمكنه أن يقلل من قيمتك وحقيقتك. أنت وحدك القادر على فعل ذلك.
يقول لاو تزو ” أهتم بكلام الناس وسوف تصبح أسيرهم” – لاو تزو. حرر نفسك من اراء وكلام الناس واخرج من ذلك السجن وابحث عن هويتك، الرغبة في الحصول على حب الآخرين لن تحصل عليها بفعل كل شيء لهم ونسيانك لنفسك بل بحبك لنفسك وهو ما يضمن لك السعادة وتحقيق أهدفك… وتذكر أنها حياة واحدة.