“عندما يبدو ان كل شئ يعاندك ويعمل ضدك، تذكر ان الطائرة تقلع عكس اتجاه الريح، لا معه”
حقاً صدق هنرى فورد عندما كتب تلك العباة، فكلما حلت الظلمة أعلم أن الفجر قريب، وعند تظلم السماء وتمتلئ بالغيوم أعلم أن هناك امطاراً، قد يتأخر سقوط المطر ولكنه حتماً سيسقط ويملأ ارضك الخصبة بأجمل الأزهار، فهل سمعت عن هارلند دافيد ساندرز؟ هذا الرجل العجوز! والذى ترمز صورته لأجمل الأكلات العالمية وأكثرها انتشاراً، انها اكلات الدجاج المقلى (كنتاكى)، فى هذا المقال سنلقى بالضوء على أشهر الشخصيات الذي يعد مثالاً يحتذى به، برهن على أن العمر والعقبات مهما كانت، لن تمنع صاحب العزيمة من تحقيق حلمه، وأن لا شيء مستحيل ما دام قلب الإنسان ينبض بالحياة، فقد نجح وحقق حلمه بعد سن الستين.
بداية ساندرز الفقيرة وشغفه بإعداد الطعام
ولد ساندرز عام 1980 فى ولاية انديانا التابعه للولايات المتحدة الأمريكية لأب يعمل عامل فى أحد مناجم الفحم الأمريكية، لم تبتسم الحياه لذلك الصغير ففي سن السادسة من عمره اضطرت والدته للخروج للعمل وتركت مسئولية اخيه الصغير ذات الثلاث سنوات له، فكان ساندرز هو المسئول عن إعداد الطعام لتلك الأسرة الفقيرة ذات الظروف المعقدة، وهنأ بدأت رحلة ساندرز مع المطبخ فبتوجيهات والدته تعلم واتقن فن الطهى، وأصبح شيئاً بسيطاً يحبه ويتقنه بداية لقصة نجاح اسطورية ملهمة للجميع من بعده.
كبر ساندرز قليلاً وابتدأ بالعمل كمزارع خارج مدينته، وعند بلوغه السادسة عشر التحق بالجيش الامريكى، وبعد ان انهى خدمته عمل على قطار بخارى فكان ملقم فحم لهذا القطار، درس القانون وعمل محامياً لوقت قليل، واخيراً استقر به الحال فى أحد محطات الوقود حيث تولى ادارتها.
بعد الأربعين من عمره بدأ يجهز قطع الدجاج المقلى ويبيعها فى محطة الوقود التى يديرها، وبمرور الوقت بدأت شهرة تلك القطع من الدجاج ان تشتهر وبدأت زبائنه تزداد يوماً بعد الأخر لذا عمل كبير طهاه فى فندق قريب من محطة الوقود، وخلال عمله فى الفندق استطاع اعداد خلطة من التوابل تعطى الدجاج طعماً مميزاً، فأعجب به محافظ ولاية كنتاكى ومنحه لقب “كولونيل”، اشتهرت وجبة ساندرز وكثرت زبائنه ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فقد تم تحويل الطريق الرئيسى بعيداً عن مطعمه مما ادى الى قلة الزبائن وندرتها، فاضطر ساندرز لبيع كل ما يملك لتسيد ديونه وأقساطه وتقاعد معتمداً على حوالى 100 دولار شهرياً من التأمين الأجتماعى.
رحلة صعود ساندرز ونقطة التحول في حياته
علم ساندرز جيداً أن الطريق للنجاح ليس مفروشاً بالورود، وأن النجاح ليس صدفة ولكنه نتيجة كفاح، علم جيداً أن عمره الذى تعدى الستون ليس عائقاً من مواصلة تحقيق حلمه، ففى الخامسة والستين من عمره رفض أن يعيش بلا فائدة، رفض أن يعيش معتمداً على اموال التأمين الأجتماعى، فقرر أن يحقق حلمه.
بدأ فى إقناع المستثمرين بإستثمار بعض نقودهم فى مشروعه “كنتاكى” وبالفعل بدأ نشاطه من جديد، واخد يتجول بين مطاعم الولايات المتحدة الامريكية لكى يقنع أصحاب المطاعم بخلطته مقابل 4 سنتات عن جل وجبة تباع.
وبعد عامين من التجول لم يستطع إقناع سوي مطعمين، لكنه لم ييأس واستمر في التنقل بين الولايات مع زوجته مستخدماً سيارة محملة بأدوات الطهي، وخليط من البهارات اللازم لإعداد خلطته، وصل عدد المطاعم إالى 600 مطعم عام 1963. قطع ساندرز مسافة 402336 كم لزيارة مطاعم كنتاكي، والدعاية لعلامته التجارية.
بيعه لشركته والاكتفاء بالترويج لها
فى السابعة والسبعين من عمره باع كل ما يمتلك مقابل 2 مليون دولار امريكى، ولكنه استمر المتحدث الرسمى للشركة واحتفظ بمقعد في مجلس الإدارة مقابل اجر مادى يقدر ب40 الف دولار شهرياً، ثم زاد بعد ذلك ليصبح 75 الف دولار مدى الحياة، وفى تلك الفترة كتب كتاباً عن النجاح ونشره، وفى عام 1986م اشترت بيسبسى شركته من المستثمرين مقابل 840 مليون دولار، انه دجاج كنتاكى الذى انتشر فى حوالى مائة دولة حول العالم.
توفي ساندرز عام 1980 وهو فى عامه التسعين ولكن مازال اسمه يتردد، وصورته يشاهدها الملايين يومياً، في 115 دولة حول العالم، ومازالت قصة نجاحه ضمن أشهر قصص النجاح العالمية، ومازال ساندرز يعلمنا ألا نيأس، وأن تحقيق الحلم ليس مستحيلاً وليس مرتبطاً بسن معين، فأنت تستطيع مهما كانت قدراتك، مهما كانت امكانياتك، مهما كان سنك، حلمك سيصبح حقيقة يوماً ما، فتمسك به من الأن وابدأ فى تحقيقه.