crossorigin="anonymous">

كيف تتخلص من العادات الضارة

كم مرة قررت فيها أنه بدءًا من الغد، ستبدأ بتغيير عادة ما؟ سواء كان ذلك الإقلاع عن التدخين، التوقف عن قضم الأظافر، تقليل تناول الطعام، أو حتى شرب القهوة. ربما قررت أنك ستبدأ ممارسة الرياضة، ستحد من مشاهدة التلفاز، أو ستصبح أكثر تنظيمًا في حياتك، أو ستتخلى عن بعض العادات الضارة الأخرى. هذه القرارات، من حيث المبدأ، تبدو سهلة التنفيذ. فكل ما يتطلبه الأمر هو قليل من الجهد والتركيز، وخاصة عندما نقول لأنفسنا: “غدًا سيكون البداية.”

ولكن عندما يأتي الغد، نجد أنفسنا في مواجهة مقاومة أقوى. فالمعروف والمألوف يبدو أكثر راحة وأقل ضررًا، في حين أن العادات الجديدة قد تبدو صعبة أو مملة. يبدأ جسمك بإرسال إشارات بأنه يشعر بشيء مفقود، بينما يشرع عقلك في اختلاق الأعذار: “لننتظر قليلاً، إنها ليست مؤذية، سيكون اليوم الأخير، ربما يحتاج جسدي لهذا الشيء عندما أرى حاجته الملحة، الآخرون يفعلون ذلك ولا يبدو أنه يؤذيهم، أحتاج بعض المتعة في حياتي…” فتستسلم حتى دون أن تدرك.

وفي النهاية، تجد نفسك جالسًا تقضم أظافرك، أو تجد كعكة في يدك، أو تعود لفتح لعبة من ألعاب الفيديو التي كنت قد توقفت عن ممارستها.

العادات الضارة وعلاقتها بالعواطف

العقلانية وقوة الإرادة غالبًا ما تكون غير كافية للتمسك بالقرارات، إلا إذا كانت المشكلة جديدة وبسيطة. إذا كنت قد مررت بتجارب فاشلة في محاولة التخلص من عادة سيئة، غالبًا ما يكون هناك دافع أعمق في اللاوعي يحتاج إلى طريقة للتعبير عن نفسه، مثل محاولاتنا لكبح مشاعرنا، مما يولد ضغطًا جسديًا وعاطفيًا أكبر حتى ننفجر في النهاية. حينها تجد هذه المشاعر طريقها إلى الخارج.

قد تفكر في العودة إلى عاداتك القديمة، أو ربما تبدأ في تبني عادات جديدة كبديل. (على سبيل المثال، قد تجد نفسك قد أقلعت عن التدخين ولكنك بدأت تفرط في تناول الطعام). وإذا تمكنت من تجنب هذه العادات، فقد يظهر لا وعيك في شكل سلوكيات عدوانية قد تؤدي لاحقًا إلى اضطرابات نفسية.

تُستخدم الكثير من العادات الضارة، مثل معظم أنواع الإدمان، كوسيلة للتحكم في المشاعر؛ إما لتثبيط المشاعر السلبية أو لإيجاد مشاعر ممتعة أخرى. بعد أن تقاوم الحاجة الملحة إلى العودة إلى العادة السيئة، هل تجد مشاعر جديدة مثل الغضب، التوتر، القلق، أو الاكتئاب تظهر؟ أو ربما تشعر بشيء مفقود مثل السعادة، الحماس، الراحة، المرح، أو الاسترخاء؟ تلك هي اللحظات التي تبرز فيها أهمية تغيير العادة.

كيفية التخلص من العادة السيئة

للتخلص من عادة سيئة، يجب أولاً أن تحلل هذه المشاعر، أو تجد طريقة مختلفة وصحية لتشعر بأنك أفضل. عندما تشعر بالحاجة الملحة للعودة إلى العادة السيئة، بدلًا من محاولتك السيطرة عليها عقليًا، أغمض عينيك وركز على مشاعرك. قد يكون هناك جزء منك يحتاج إلى اهتمام وراحة، أو ربما هناك مشاعر مزمنة تحتاج إلى حل. في بعض الحالات، قد تحتاج إلى تخصيص بعض الوقت والجهد لتعلم كيفية خلق مشاعر جديدة مرتبطة بتخلصك من العادة الضارة التي كنت تحاول التخلص منها.

ماذا سيعود عليك من تغيير عاداتك الضارة؟

قد تكون هناك احتياجات لا واعية أخرى أو منافع غير ظاهرة في اللاوعي تتعلق بتلك العادة السيئة. ربما تحاول تشتيت نفسك لتجنب مواجهة تحديات أو مهام مزعجة، أو ربما تعاقب نفسك بسبب ذنب قديم أو كره الذات. من الممكن أيضًا أن العادات الضارة تمنحك شعورًا زائفًا بالسيطرة، بينما من الداخل تشعر بالضياع وعدم الأمان.

قد تكون هذه العادات جزءًا من تقاليد عائلية أو وسيلة للتقرب من أحد أفراد العائلة. بعض الأحيان، يكون لديك حاجة لا واعية لفهم فرد من أفراد عائلتك بشكل أفضل أو لإظهار ولائك وإخلاصك لهم. وفي حالات أخرى، قد تتعلق العادات بإخفاء مشاعر معينة مثل الغضب أو الرغبات الجنسية.

الأبعاد الفسيولوجية (العضوية)

بعد أن تتعامل مع الأبعاد العاطفية لعاداتك السيئة، يجب عليك أيضًا مواجهة الأبعاد الفسيولوجية. قد تكون هذه الأبعاد مرتبطة بالإدمان الكيميائي، كما هو الحال في التدخين أو تناول الوجبات السريعة، أو قد تكون أفعالًا تلقائية عصبية ناتجة عن سلوكك المتكرر. بمجرد أن يصبح الفعل تلقائيًا، سيعمل جهازك العصبي على الحفاظ عليه لأنه يعزز الطاقة.

قد تشعر أحيانًا أنك تسبح عكس التيار، أو أن جسدك يتحرك باتجاه الروتين القديم دون تدخل منك.

نصائح وحيل لمساعدتك في التغيير

  1. استخدم نظام “الثواب والعقاب”: تخيل المنافع والمشاعر الجيدة التي ستشعر بها إذا نجحت في التغيير، وكذلك العواقب السلبية التي ستحدث إذا استسلمت لرغباتك.
  2. ركز على الخطوات الصغيرة: بدلاً من تحديد أهداف بعيدة المدى، ابدأ بخطوات صغيرة يمكن تحقيقها، مثل “اصبر لـ15 دقيقة”، ثم استمر في تحديد أهداف قصيرة المدى.
  3. ابحث عن بدائل: لا تقتصر على التخلص من العادة السيئة فقط، بل حاول العثور على شيء بديل تفعله، مثل شرب الشاي بدلاً من القهوة، أو مضغ العلكة بدلاً من التدخين.
  4. تخيل العواقب: تخيل كيف سيؤثر سلوكك الضار على شخص تحبه. في الغالب، نشعر بدافع أقوى لتجنب إيذاء الآخرين مقارنةً بتجنب إيذاء أنفسنا.
  5. اعترف بالأعذار: عندما تستخدم الأعذار (مثل “القليل من هذا لن يؤذيني”)، حاول أن تعترف بها بصوت عالٍ، لتكون أكثر وعيًا بها وتتعامل معها بشكل أفضل.
  6. تدوين الملاحظات: احتفظ بدفتر لتسجيل تقدمك اليومي، فهذا يمكن أن يكون محفزًا لك ويعزز وعيك بكل لحظة ناجحة.

لا تنسَ أن تغيير العادات قد يكون صعبًا في البداية، خاصة عندما يكون هناك بعد فسيولوجي مرتبط بالعادات. ولكن مع مرور الوقت، ستشعر بالتحسن، وبعد بضعة أسابيع، ستجد أنه من الصعب التفكير في العودة إلى عادتك القديمة.

 

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->