يعد العقل البشري من أهم الأدوات التي يمتلكها المرء لجعل حياته تسير نحو الأفضل، لكن وفي الوقت ذاته لو لم يستخدم هذا العقل بالشكل الصحيح، فإنه من الممكن أن يصبح
من أشد الأدوات تدميرا للحياة. فالعقل وما يحويه من أفكار يعمل على تكوين فكرة عامة للمرء تجاه ما يدور حوله، وهذه الفكرة تؤثر على نظرة المرء لواقعه.
أفكارك هي أساس حياتك فعقلك يؤثر على تصرفاتك ومعتقداتك وكل ما يدور حولك، والتفكير الإيجابي هو نقطة انطلاقة هامة ومؤثرة في حياتك بل هو بداية الطريق للإلهام والذي سيؤدي حتما الى النجاح. عندما تفكر بطريقة إيجابية سيتسنى لك أن تعيش حياتك بشكل كامل مستمتعا بكل لحظة فيها.
لا شك أن الإنسان دائما ما يكون معرضا لبضعة أفكار سلبية من حين لآخر، ولكن التحدي والنجاح يكمن في تخلصك من تلك الأفكار الهدامة والتعامل معها بطريقة سليمة ومناسبة. تنشأ معظم تلك الأفكار السلبية نتيجة للخوف سواء كان ذلك الخوف من الماضي أو حتى الخوف من المستقبل.
وأيا كان مصدر الأفكار السيئة، يجب عليك أن تعرف أنك لست أفكارك فالأفكار لا تعبر عن شخصية صاحبها، كما أنها حتى لا تنتمي إليك ولكن أنت مجرد مراقب. عندما تواجهك الأفكار السيئة ينبغي لك أن تتخيل أنها سحابة فوق رأسك ستنجرف بعيدا عنك.
يمكنك تدريب نفسك بالتخلص السريع من الأفكار السيئة والرجوع إلى أرض الواقع، وبمرور الوقت سوف تدرك أن الأفكار السلبية فقط وليدة المشاعر المضطربة مثل الخوف.
عندما تنشأ الأفكار السيئة في كثير من الأحيان، فإنها تنتشر مثل الطاعون وتستوطن عقلك، كما أن لها الكثير من النتائج السلبية التي تنعكس على واقعك الذي تعيشه فعلى سبيل المثال الأفكار السلبية تنشئ التوتر في علاقاتك مع الآخرين أو في عملك، فإن لم تكن مستعدا للتعامل معها بشكل صحيح فيمكن أن تؤثر بالسلب وستنعكس على تصرفاتك دون أدنى شك. يمكنك الانتباه واستعادة السيطرة على أفكارك بدءا من الآن واتخاذ موقف صارم.
فيما يلي سنستعرض عدد قليل من الطرق التي ستمكنك من البدء واستعادة السيطرة على حياتك:
1 – التواصل السليم مع الآخرين:
ليس من المفترض عليك أن تتخلص من الأفكار حتى ولو كانت سلبية. فمن المهم أن يقوم الانسان بتبني جميع الأفكار والعواطف بطريقة صحية وطبيعية. وهذا يتطلب التواصل السليم مع الآخرين فأحيانا يكون عليك التخلص من كل الأعباء التي ترهق كاهليك!
لا فائدة من التكتم ومحاولة إخفاء ضيق صدرك، قم بالتواصل مع الناس الذين يمكنهم إفادتك بشكل جيد. قم بمحاولة التشكيك دائما بجذور تلك الأفكار السلبية، وضع أمام ناظريك مبدأ أن التوقعات تحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب.
2 – واجه أفكارك:
مع مرور الوقت يتعلم الدماغ كيفية التأقلم مع الأفكار والمشاعر والتي تصبح مثل رد فعل يحمل في ثناياه الكثير من العوامل. فعلى مستوى الجهاز العصبي هذا بالضبط ما يحدث، فعندما تقوم بالتفكير بشكل سلبي عن شيء سواء كان عن أمر يخصك أو شخص آخر أو حالة معينة، فأنت بتلك الطريقة تقوم بتعزيز مسار معين في الدماغ.
يمكنك بالمزيد من الجهد المبذول لتغيير مسار أفكارك، حيث يمكن لعقلك القيام بوظيفته بطريقة أكثر إيجابية بعيدا عن الأفكار السيئة. فهناك تقنية ذكية ومريحة للغاية وهي ” مواجهة أفكارك” حيث يفضل التصدي لأفكارك السلبية بوضوح مع الاعتراف بها وعدم الهرب منها، فهروبك لن يعالج شيء، اعترافك بالأفكار السلبية والتعامل معها بوعي من شأنها أن تقودك إلى درب فكري إيجابي بعد فترة وجيزة.
فعلى سبيل المثال، إذا كانت لديك فكرة سيئة عن شخص ما، فيمكنك تحويل مسار أفكار وتقوم بالتساؤل عن ميزة ما أو شيء لطيف يميز هذا الشخص. حيث يمكنك بالتساؤل ” ماذا يعجبني بهذا الشخص؟” ففي نهاية المطاف ستتوافد عليك الأفكار الإيجابية بدلا من الأفكار السيئة وستشعر بشعور جيد.
“اجعل وجهك دائما في الشمس، حينها لن تصبح في الظل أبداً.” هيلين كيلر
3 – استخدم التوكيدات والجمل الإيجابية:
قوة التوكيدات الإيجابية – لها قوة فعالة فعلا في تغيير مجرى حياتك وأفكارك! تعرف على هذه القوة وكيف يمكنك الاستفادة منها من خلال السطور التالية.
يمكنك تخطي الحواجز الوهمية التي يصنعها عقلك والتي تشكل عائقا سلبيا عبر استخدام الكلمات والجمل التي من شأنها أن تنتهك العقل الباطن واللاوعي لديك لتسلم رسائل ملهمة وإيجابية.
يمكنك تكرار الرسائل والجمل الإيجابية لنفسك من أجل تجديد طاقتك وتحفيز نفسك. لا تتردد في صنع الجمل القصيرة الملمة ذات الصيغة الإيجابية والتي تناسب وضعك النفسي والعقلي. في البداية سيبدو هذا الوضع سخيفا ولكن مع التكرار صباحا وليلا ستتحول تلك الرسائل إلى طاقة إيجابية وسترى أثرها بنفسك!
“تقبّل ماضيك دون أسف، وتمسّك بحاضرك في ثقة، وواجه مستقبلك دون خوف”
الأفكار السلبية يمكنها أن تعرقل حياتك وتمنعك من العيش بالحاضر. لا تنجرف وراءها لأنك إن قمت بذلك فسوف تجد نفسك تتهاوى في “كوابيس اليقظة”، قم بالسيطرة على أفكارك عبر استخدام التقنيات التي ذكرناها سابقا ولا تحاصر نفسك في عالم من الأوهام الكاذبة!
عندما تتمكن من السيطرة على عقلك، سيكون لديك الكثير من الوقت الذي يمكنك أن تعيشه في الحاضر. وعندما تعيش حاضرك كما ينبغي سيعود ذلك بالنفع عليك وعلى من حولك وستتمكن من خلق حلقة إيجابية مبهجة.
“في كل صباح نُولد من جديد. ما نفعله اليوم هو ما يهمّ” جاك كورنفيلد.
كيف تتشبث بلحظات الحاضر؟!
هناك العديد من الطرق التي تمكنك من استغلال كل لحظة في حاضرتك لتعيشها بإيجابية. فعلى سبيل المثال يمكنك الانضمام لنشاط ذهني متميز مثل التأمل، فالتأمل له نتائج رائعة منذ قديم الأزل حيث يمكنك السيطرة على بنات أفكارك بصورة أكبر، كما يمكنك الاستمتاع بالحياة من منظور إيجابي.
التأمل هو نشاط ذهني، ومثل أي نشاط يحتاج إلى الممارسة، وكما نعرف أن ممارسة أي نشاط تحتاج إلى مجهود وتكريس للوقت والطاقة لمعرفة كيفية القيام بذلك، وللوصول إلى نتائج مرضية فبالتأكيد عند بدء تعلم البيانو على سبيل المثال لن تتوقع أن تتعلم موسيقى مزارت، لذلك تحلي بالصبر وثق بأنك سترى ثمرة مجهودك في الوقت المناسب.
يمكن لأي شخص ممارسة التأمل، وبغض النظر عن عقيدتك أو وضع حياتك إذا كان مستقرا أو لا، فكل ما تحتاج إليه هو التركيز. حيث يمكنك التكيف بسهولة، وبالممارسة سيكون الأمر سهلا وسيخلو من المصاعب.
التأمل أداة عظيمة يمكنك استغلالها في عملية تحرير نفسك من شرنقة الأفكار السلبية، عن طريق صفاء ذهنك وتمسكك باللحظات الراهنة في حياتك. يمكنك الاستفادة من التأمل على نواحي شتى حيث يمكنه أن يقودك إلى تحسين حياتك وتجديد الطاقة الإيجابية من حولك وخاصة صفاء ذهنك وسعادتك.
يمكنك دائما السيطرة على عقلك من خلال التعامل مع الأفكار السلبية بطريقة صحية.
هل تسيطر أفكارك على حياتك؟ ماذا فعلت لاستعادة السيطرة على أفكارك؟!