crossorigin="anonymous">

مشاعرك السلبية ليست بهذا السوء

” إبتسم للحياة تبتسم لك” جملة جذابة وعبقرية وقادرة على بث الأمل فى نفوسنا البشرية، ولكن مالذى سيحدث إن قلت للحياة انك تعانى من بعض الضغط والمشاعر السلبية؟ أعتقد ان الحياة لديها بعض الذكاء لذا ” فحين تبتسم لها ستبتسم، وحين تواجهها بمشكلتك ستتقبلك”

ربما أكبر معضلة يعيشها البشر الآن هى محاولتهم الدائمة الهروب من الإعتراف بكونهم بشر، وهذا يتضمن أننا سنمر فى كامل حياتنا بأوقات نشعر فيها بالحزن والألم، تتملكنا رغبة بأننا لانريد اى شىء، نميل للعزلة والبكاء.

نحن بشر، والحياة ليست عادلة دائماً، وتغلب عليها الطبيعة الفوضوية. نفشل احياناً في تحقيق أحلامنا، نفقد من نحبهم، ننضل الطريق احياناً، قد نحقق ما نريد ولكن لا نشعر بالسعادة ليس لشىء إلا لأن الله خلقنا متغيرين ولدينا مع الحياة دائماً صراع نريد الإنتصار فيه، فإن تبتسم هذا جيد، ولكن يوم أن تشعر بالحزن والإكتئاب وان داخلك مفعم العواطف السلبية فلا تبتئس ولاتقلق قل انا أنسان وتعامل مع الموقف وأعلم أن على الجميع ان يتقبلوك كذلك، وابدأ فى تفريغ تلك الشحنة السلبية بطريقة سليمة.

طرح المشاعر السلبية والتحدث بشأنها يخفف من تأثيرها

وهذا مايؤكده الطبيب مدير قسم الصحة النفسية وإساءة استخدام العقاقير في منظمة الصحة العالمية، حيث يذكر أن معدل الناس المصابين بالإكتئاب  تزايد فى خلال الفترة مابين عام 2005 وعام 2015 بمعدل 18%، وكانت أول طريقة للعلاج هى ان يتحدث الناس، نعم فلاسبيل لعلاج مشكلة إلا بالاعتراف بها. وفى هذا تتحدث د. ليزا فيرستوت على أن اخفاء الناس لمشاعرهم السلبية يعد أكبر عامل فى وقوعهم فى الاكتئاب، فعند محاولاتك الكفاح ضد الشعور بالحزن أو الألم ينعكس ذلك سلبياً عليك، فهى اشبه بمحاولة الهروب من شىء داخلك، لذا الاتجاه نحو مصدر الالم ومناقشته مع ذاتك والاخرين هو طريق لكشف علتك ومعالجتها بدلاً من إنكارها تماماً دون علاج.

فمجرد طرح المشاعر السلبية عنك فأنت بذلك تكون تخلصت من عبء حملها داخلك ومن ثم تبدأ مشاعرك بالهدوء شيئاً فشيئاً ويبدا بعدها عقلك فى التحرر من مايساوره ويتجه بهدوء الى التفكير الايجابى الصحيح والبحث عن حل، ولكن فى هذه الحالة يكون بناء الطاقة الإيجابية على أساس سليم لأنك تخلصت من الألم بطريقة تليق مع كونك بشر.واحياناً نقع فى اشكالية اكبر هى ليست فقط عدم إظهار مشاعرنا السلبية ولكن محاولة اظهار العكس، لأننا نريد من الناس أن يتقبلونا ونربط هذا التقبل بأن علينا ان نكون مبهجين دائماً، فالناس لاتريد الاختلاط باشخاص حزينة او مكتئبة وتبحث دائما عن أشخاص يجلبون لهم الفرح والسعاده، لكننا ننسى أن على المحيطين بنا ان يتقبلونا بحالتنا القوية والضعيفة ، وهو ايضاٍ دورنا مع الاخرين، فمد يد المساعده لايُطلب وانت سعيد فقط ولكن وأنت فى أشد لحظات ضعفك ايضاً.

تخلصك من الخوف من ان تبدوا احمق او بائس او حزين يعطيك مرونة فى التعامل مع مشاكلك وباباً للتحرر من قلقلك.

دراسة تثبت أن محاربة فكرة ما تجعلها قابلة للتحقق

وقد تبنت العديد من الدراسات النفسية تلك الفكرة، ففى دراسة نُشرت عام 2009 بواسطة ديفيد جي كافاناج وزملائه من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا بأستراليا قاموا بطلب من بعض مدمني الكحول ان يكتبوا عن رغبتهم فى العودة للشراب مرة اخرى ويدونوا كل الأفكار التى تنتابهم، وقبلها قاموا برصد كافة المحاولات لكبح التعبير عن مايكتفنهم وكانت النتيجة  أن الأشخاص الذين كافحوا ضد الأفكار التي اجتاحتهم بشأن شرب الكحول، كانوا بالفعل أكثر عرضةً له، على عكس الأشخاص الذين بدأوا بالتعبير عن رغبتهم لمواصلة ادمانهم، إن تفريغهم لتلك الشحنة جعل تعرضهم للانتكاسة اقل من الاخرين .

لا مفر من الموجهة

إذاً فلا مفر من مواجهتك لنفسك وللجميع إن كنت تعانى من الم داخلى، وهنا يخبرنا “كيفن بريل” وهو ممثل كوميدى، كان يتكلم عن تجربته مع الإكتئاب، ويحكى ان الناس كانت ترى منه الوجه السعيد فقط.

الشاب الناجح الإجتماعى المشهور الذى يقدم عملاً يساهم فى سعادة الآخرين، لكن هو لم يكن كذلك، يقول أن الإكتئاب لايكون أحيانا لأن حياتك تسير فى الاتجاه الخاطىء بل لانها تسير على مايرام، ويحكى أنه فى كثير من المرات حاول أن ينهي حياته بيده الا أنه كان من المحظوظين الذين توقفوا فى اخر لحظة، لكن العالم به الكثيرين الذين فعلوا ذلك دول أن يلقي أحد لهم بالاً بأن ذلك كان بسبب الإكتئاب، لذا يتحدث “كيفن” أن البعض يرى الإكتئاب وصمة عار وأنه لا يريد الحديث عنه لأن المجتمع لن يتقبله، لكن كلما كنت أكثر صراحة مع ذاتك والناس تبدأ مشاكلك بالحل، ويقول أن تجربته اعطته دفعة للمقاومة ورأى أن لاشيء سيساعده على الخروج من العزلة الإكتئابية هذه إلا بالثقة فى نفسه والآخرين وأن كل شىء سيصبح على مايرام حين يتقبل مرضه ولايخجل منه.وكان ذلك جزء من خطابه ” لا بأس بالاكتئاب. إن كنت تعاني منه، فاعلم أنّك ستكون على ما يرام. و اعلم أنّك مريض، و ليس ضعيفا، إنّه مشكلة و ليس هويّة، لأنّك عندما تتغلّب عن الخوف و السخرية من الحكم ووصمة العار من الآخرين، يمكنك أن ترى الاكتئاب كما هو عليه فعلا، إنّه مجرّد جزء من الحياة، مجرد جزء من الحياة، وبقدر ما أكره، بقدر ما أكره بعض الأماكن، فإنّ بعض الأجزاء من حياتي قد دفعت بي إلى الكثير من التجارب التي أنا ممتن لها. لأنّها وضعتني في الأسفل، لكن فقط لتكشف لي أنّ هناك قمماً، و جرّتني إلى الظلام لكن فقط لتذكّرني أنّ هناك ضوءا.

هكذا كل إنسان يختبر الظلام ليعرف أن هناك ضوء، ولكن الأمر يتطلب الكثير من الشجاعة والصبر ليتغلب على وجع العصر وهو الاكتئاب.

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->
%d مدونون معجبون بهذه: