crossorigin="anonymous">

ماورو بروسبيري.. قصة ملهمة عن النجاة وعدم الاستسلام

عندما يدخل مجموعة من الأشخاص في سباق داخل الصحراء فبالطبع سوف يكون المتسابق الذي يصل أولاً إلى خط النهاية هو البطل، لكن هل يمكن أن يكون هناك أبطال آخرين؟ هل هناك أشخاص تستحق خطواتهم داخل الصحراء أن تصنف أنها من القصص الملهمة فقط لأن صاحبها استطاع النجاة والبقاء على قيد الحياة؟ أظن أن هذا الأمر ممكن لو تعرفنا على قصة العداء الإيطالي ماورو بروسبيري، الرجل الذي فُقد في صحراء المغرب لمدة خمسة أيام لكنه استطاع أن ينجو.

من هو ماورو بروسبيري؟

ماورو بروسبيري هو ضابط شرطة إيطالي الجنسية ولد في عام 1955. كان ماورو عاشقا للرياضة وكل تحدي يتعلق بها لذا كان لاعبا محترفاً لرياضة الخماسي التي تضم الجري والفروسية والعديد من الرياضات الأخرى. حتى الآن لم تكن قصة ماورو سوى قصة لرجل يحب الرياضة ويمارسها بشغف، حتى جاء عام 1994 والذي سيكون عام التحول بالنسبة له، أو دعونا نقول عام المغامرة التي لم يكن يتوقعها. فما الذي حدث عندما قرر بروسبيري اجتياز سباق الرمال في صحراء المغرب؟ دعونا نرى.

سباق الرمال “دي سابل”

في عام 1994 انضم واحد من الأصدقاء المقربين لماورو إلى سباق دي سابل أو سباق الرمال، وهو عبارة عن سباق مشي في صحراء المغرب يستمر فيه المشاة لمدة أيام حتى الوصول إلى نقطة النهاية. ويعتبر هذا السباق تحديا كبيراً، بل مغامرة كبيرة، ذلك لما يجده المشاة من مشقة سواء تلك الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الجو تحت الشمس الحارقة، أو لأن السباق يقتضي المشي في الصحراء لعشرات الكيلومترات والتعرض للكثير من الظروف التي تعتبر تحديا كبيراً. لذا فإن ماراثون دي سابل يعتبر من أكثر أنواع الماراثون صعوبة بل وخطورة.

لكن من ناحية أخرى استطاع صديق ماورو أن يقنعه بالاشتراك معه في السابق، وقد تحمس جداً وبدأ رحلته إلى المغرب غير مدرك لما ينتظره هناك.

ماراثون دي سابل

بدأ ماورو السباق مع باقي المشاة واستمر لعدة أيام قاطعا فيها فيها أربعة نقاط من نقاط المرور المحددة لخط سير اللاعبين، في هذه الأثناء كان قد استطاع أن يقطع مسافة قدرها 90 كيلو متر محققاً المركز السابع بين المتسابقين. لكن عندما اجتاز النقطة الرابعة فكر ماورو في أن يأخذ طريقا مختصراً داخل الصحراء يمكنه من اجتياز مسافة أطول في وقت أقل، لكن يبدو أن حظه لم يكن معه لحظة اتخاذ هذا القرار.

مفقود في الصحراء

بعد سير عدة كيلو مترات في الطريق المختصر الذي ساره ماورو بدأت عاصفة رملية شديدة، لكن كان من المهم أن يكمل السير ولا يتوقف نظرا لأن التوقف سوف يجعل العاصفة تغمره برمالها، وما إن انتهت العاصفة كان ماورو مفقودا في الصحراء لا يعرف أين هي وجهته.

لكن من المعروف أن هناك مجموعة من الطرق التي يستطيع بها المشاركون في الماراثون التعامل من خلالها عند التعرض للفقد في الصحراء لذا كان يظن أن عودته سوف تكون بمجرد أن يكتشف الآخرون غيابه، لكن ما حدث كان مؤلماً حقاً.

ظل ماورو سائراً حتى وجد فوقه طائرة هيليكوبتر بدأت عملية البحث عنه، في هذه الأثناء يقوم المتسابقين بإشعال شعلة الإنقاذ حتى تستطيع الطائرة رؤيتهم. وعندما هم ماورو بإشعال الشعلة الخاصة به للأسف كانت فاسدة ولم تعمل فتركته الطائرة دون أن تعرف مكانه.

إما النجاة أو الموت

هنا وجد ماورو نفسه وحيداً في الصحراء، فأمله في أن يتم إيجاده من خلال المروحيات قد انتهى تماماً، وفكرة أن يعثر عليه أحدهم في هذه الصحراء قد تكون درب من الخيال؟ ترى لو كنت مكانه ما الذي كان سيجول بخاطرك؟ لكن الذي نعرفه أن ماورو قرر عدم الاستسلام وبدأ يقرر أن ينجو بأي شكل. 

ظل ماورو سائراً لأيام طويلة اعتمد فيها على شرب البول الذي يخرج منه لكي يستطيع النجاة في الصحراء. كذلك اضطر في الكثير من الأيام إلى دفن نفسه داخل الرمال لكي يحافظ على حرارة جسمه ليلاً. 

وبعد أيام أخرى أهدى القدر ماورو فرصة أخرى للنجاة فلقد وجد ضريحاً مهجوراً داخل الصحراء، وعندما دخل لكي يكتشفه من الداخل سمع بعض الأصوات التي تصدر من السقف، وتفاجأ عندما عرف مصدرها، كان هناك الكثير من الخفافيش التي تسكن سقف الضريح، وهنا وجد مصدر للطعام. يقول ماريو أنه كان يأخذ الخفاش ويقوم بقطع رقبته وعصر أحشائه ثم التهامه. قضى ماورو على كل الخفافيش الموجودة في الضريح حتى يستمر في الحياة.

بين الأمل واليأس

ظل ماورو موجوداً في الضريح ظناً منه أن هناك شخص ما سوف يمر به، لكن ذات صباح وجد مروحية تحلق من فوقه مرة أخرى، قام ماورو بإشعال النار في حقيبته البلاستيكية وفي ملابسه، أحرق كل ما لديه حتى يتصاعد الدخان إلى المروحية لكن للأسف ذهبت مرة أخرى دون أن تأبه له.

في هذه اللحظة تملك اليأس منه فقرر أن ينهي هذه الرحلة للأبد، لذلك قام بكتابة رسالة إلى عائلته على جدران الضريح ثم سحب سكينه وقام بعمل قطع في يده حتى ينهي المأساة التي وقع بها. لكن يبدو أن القدر كان له رأي آخر، ذلك لأن نتيجة لجفاف جسمه كان دمه كثيفاً جداً ولم يحدث نزيف فاستمر على قيد الحياة.

في اليوم الخامس أكمل ماورو مشيه في الصحراء ووجد بعض آثار الماعز فراوده الأمل من جديد، وبينما هو سائر وجدته فتاة صغيرة فارتعبت من شكله و ركضت هاربة، انهارت قوة ماورو تماما لكن بعد وقت وصلت إليه دورية من دوريات الحدود فقامت بأخذه وعلاجه حتى استعاد قوته ثم عاد إلى بلاده.

هل توقفت الرحلة؟

هل تعتقد أن بعد المرور بهذه التجربة أن هناك شخص لديه الشجاعة للعودة مرة أخرى؟ مهما كان ما تظنه فعليك أن تعرف أن ماورو ظل يشترك في نفس السباق لأعوام طويلة بعد ذلك، وبالرغم أنه لم يحصل على مركز قبل الثاني عشر إلا أن هناك شيء آخر كان يبحث عنه غير الفوز، ربما هذا الشيء لا يعرفه أي شخص سواه.

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->
%d مدونون معجبون بهذه: