crossorigin="anonymous">

اضرار قد يسببها بحثك الدائم عن الكمال

السعي للكمال أو perfectionism في علم النفس هو الميل لمطالبة الذات والاخرين مع توقع أداء مثالي للغاية بدون قبول أي اخطاء. يصل السعي للكمال بالشخص إلى حالة التراجع عن أداء مهامه إذا شعر أنه لن يقوم بها على اكمل وجه.

إذا كنت ذلك الشخص الذي يميل لتأجيل فعل مهامه حتى يأتي الوقت المناسب من وحهة نظرك، فأنت تعاني من السعي للكمال ، مثل أن يكون البرواز المعلق على الحائط مائل قليلاً فتهرع للتصحيح من وضعه؟ تتفقد بريدك الإليكترونى قبل إرساله حوالى أكثر من عشر مرات حتى تتأكد انه لايحتوى اى خطأ؟ تريد لكل شىء أن يسير طبقاً للنظام الدقيق المخصص له وتعترض على أى محاولات قد تخالف ذلك؟

فمبدأياً عليك أن تدرك أن الكمال فضيلة، فضيلة جميلة نسبياً، لكن كما يقول المثل، إن لكل شىء إذا ماتم نقصان، وإن الكمال غاية لاتدرك.

حتى الكمال نفسه غير مكتمل، دعنا نقول لك أن السعى الدائم للكمال قد يسبب لك بعض الأضرار فى عملك وفى علاقاتك الإجتماعية، وقد يكون له أثر سلبى على الصحة النفسية والبدنية ومتربط دائماً بالاكتئاب والقلق و اضطرابات الاكل والعديد من مشاكل الصحة النفسية.

صفات تميز الباحثين عن الكمال

أولاً:- كلمة لا تبدأ ابداً.

يرغب منشد الكمال في التأكد من أن إداءه لمهامه لن تشوبه شائبة، لذا تجده في حالة دائمة من الاستعداد، هو يستعد فقط دون اتخاذ أي خطوة للبدء أو تحديد الحركة التالية للاستعداد والبدء.

ثانياً:- لايعرفون متى عليهم أن يتوقفوا.

يقضي الكثير من الوقت في تعديل الأشياء التي قام بالانتهاء منها بالفعل لجعلها مثالية. يكون ذلك على حساب أعمال أخرى يلزم القيام بها، ولكن سعيهم للكمال هو ما يجعلهم يتوقفون كثيراً.

ثالثاً:- يبحثون عن الإجابة الصحيحة عندما لاتكون موجودة.

لا يوجد شخص يمتلك إجابة صحيحة فى المطلق، كل الإجابات ناقصة، لكن الباحثين عن الكمال يبحثون عن إجابات لا وجود فعلي لها، لذا يبذلون جهداً فوق طاقات كل البشر.

رابعاً:- يرفضون طلب المساعده.

يرغب الساعون للكمال في فعل كل شيء بأنفسهم حتى عندما تبدو بعض المهام مستحيلة بالنسبة لهم أو لا تتوافق مع قدراتهم ومهاراتهم في الوقت الحالي.

خامساً:- يجدون صعوبة في الرضا عن أنفسهم.

الباحثون عن الكمال دائماً غارقون في مشاعر النقد الذاتي والشك. حتى عندما ينجحون في إنجاز شيء يجدون صعوبة في الرضا والشعور بالانجاز لأنهم من داخلهم يشعرون أنه كان يمكن فعل الأفضل.

 

هكذا يبحث الساعين إلى الكمال عن شىء نستطيع إدراجة تحت طائلة المستحيل، فكيف يؤثر ذلك عليهم سلبياً..دعونا إذاً نرى.

أضرار البحث عن الكمال

أولاً:- السعى للكمال يعوق الإنتاجية الخاصة بك.

إن محاولتك إتمام أى شىء على أكمل وجه مربوطة دائماً بالخوف من الفشل، وهو الأمر الذى يزيد من إمكانية التسويف، هذا ما يجعلك قد تتخطى الوقت المحدد لإتمام العمل لمجرد أنك لا ترضى عن النتائج التى تصل اليها، أو تقوم بتأجيل المهام التى تتوقع أن تنفيذها سيكون صعب وستطلب جهداً كبيراً.

ثانياً:- السعى للكمال يؤذي علاقاتك الإجتماعية.

العلاقات الإجتماعية متغيرة ومعقدة، وطبائع البشر مختلفة وغير متطابقة، فإن كان طبعك راغباً فى الكمال ويريد أن يرى المثالية فى كل شىء فتأكد ان ذلك سيسبب لك الصدام مع الكثيرين، لن تقبل أخطاء الجميع وستجعل نفسك فى حالة إنتقاد لأفعالهم دائماً، ستجعل نفسك دائماً فى موضع القاضى الذى يحكم على تصرفات الجميع وتحركاتهم.

لن تسامح صديق تأخر عليه فى موعده ولن تتقبل أعذاره وستبدو له في قمة التسلط والإندفاع لكنه لايدرك انك لاتغضب من تأخره بقدر غضبك من خرق القاعدة الخاصة بإيمانك بالكمال.

لن تسمح بالمرونة أو بالتغاضي أو باللين مع الجميع، فإذا لم يتفهم احد مقصدك والآفة التى اصبت بها فربما تخسر الكثير من علاقاتك الإجتماعية.

ثالثاً:- إنها تؤثر عليك جسدياً بشكل سلبي.

إن محاولاتك الدائمة لإتمام كل شىء وتجنب الأخطاء يدفعك إلى مساحة كبيرة من القلق والتوتر والشك الذاتي والإكتئاب، وكل ذلك له تأثير سلبى على صحتك.

رابعا:- رفع سقف طموحك يصعب عليك المهمة

توقع الوصول لنتيجة لا تتوافق مع قدراتك وادواتك في الوقت الحالي، يجعلك تؤجل كل شيء في حياتك تقريباً . أيضا وجود أهداف ومهام واجب أداءها وعدم الانتهاء ينتج عنه توتر مستمر وقلق دائم.

كيف تتجنب أضرار البحث عن الكمال؟

أولاً: تعرف على أنماط التفكير السلبية.

إذا وجدت داخلك هاجساً يحدثك عن خطأ قمت به فى العمل أو أن هناك شىء ناقص عليك إتمامه فابعده عنك فوراً، لو بدأت تؤنب نفسك على أنك لم تقم بواجب ما أو قصرت فى مهمة من مهامك فقم فوراً بالخروج من دائرة تحسس ومراقبة الأشياء الناقصة فقط، التى بدأت السير فيها وامنح عقلك إستراحة، اقنعه بأن ليس فى الإمكان أفضل مما كان وأنك بذلت جهداً كبيراً لكى تحقق أفضل شىء، وأنه يمكنك تحسينه في المرة القادمة وأن فعل ذلك الشيء بهذا الشكل أفضل من عدم فعله على الإطلاق.

ثانياً:- أقض على كلمة “مثالية” من كل المفردات الخاصة بك.

هذا يمكن أن يجنب عقلك وضع كل الأشياء تحت معاير عالية ومستحيلة لن تستطيع أبداً الحصول عليها، لابد أن تعترف بنسبية التفاصيل والأشياء، تعترف بالنقصان، لابد أن تعترف أنك نفسك لست بكامل، فكيف تطلب من غيرك مالا يمكن أن تخلقه بنفسك.

ثالثاً:- حافظ على الصورة الكاملة.

إحرص على الأشياء التي تؤثر فى الصورة الكاملة سواء فى العلاقات الإجتماعية أو العمل. الانشغال بكل تفاصيل اليوم التي ليس لها تأثير كبير على حياتك، لن ينتج عنها سوى مزيد من الكسل و التسويف، أحرص على تخيل صورة كاملة لحياتك تشعرك بالرضا عن نفسك وافعل القليل في كل النواحي لتحسين حياتك، لتنقذ نفسك من السقوط في بئر السعي للكمال.

الكمال شىء بعيد ومستحيل، وقضاء الوقت فى البحث عنه مرهق لحد بعيد ويضيع العديد من الفرص ويفسد على الإنسان متعة الحياة، التصالح مع النواقص فى الأشياء حولنا يجعل الأخرين يتصالحون مع نواقصنا.

واليك بعض ما قاله المفكرون والفلاسفة عن الكمال.

ليو تولستوى: “انت تبحث عن الكمال، ولم يكن بداخلك أبداً.”

دونالد ميلر: “عندما تتوقف عن أن تتوقع أن جميع الناس كاملون، ستتقبلهم بما هم عليه.”

سيلفادور دالى: “لا تخش الكمال .. فإنت لن تصل إليه أبداً.”

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->
%d مدونون معجبون بهذه: