crossorigin="anonymous">

أن تركض فى إتجاه قنبلة ذرية.. كيف تواجه تحدي التغيير في حياتك؟

سألت إمرآة عالم فى مجال الفيزياء قائلة “ماذا افعل لو علمت بانفجار قنبلة ذرية بالقرب من المكان الذى اتواجد فيه ؟” أجابها “اركضى فى اتجاهها بسرعة وتأكدي أنك أول من ستُقتلين بها”. فعل الرجل أقصى مايُطمئن ضميره العلمي والإنساني وقدم لها الحقيقة كاملة، هى أمام قنبلة خرجت عن السيطرة، ما الذى ستمنحه لها محاولة الهرب؟ فقط وقتاً إضافياً من الرعب والركض المعاكس، إن نجت من الموت فلن تنجو من إصابة قد تنال عقلها ،جسدها، او نسلها من القادمين، فلتخرج إذاً من دائرة الأمان وتواجه الأمر بشجاعة.

فلنترك القنبلة جانباً، فمازالت الحياة تمنحنا خيارات أقل قسوة.. ولنعد إلى دائرة الأمان، وهى الدائرة التي نحاول أن نُبقي أنفسنا داخلها مبتعدين عن المخاطرة ظناً منا أنها طوق النجاة ولكن العكس صحيح.. إنها الدائرة التى تسلمنا الى دائرة الخوف ثم دائرة الرتابة ثم السكون.

خطورة الإستسلام لمنطقة الراحة “دائرة الامان”

ماهى إذن دائرة الأمان؟ هى الأوقات التى يكون علينا اتخاذ قرار صائب لكننا نفضل اتخاذ قرار آمن .. نفر ونهرب.. نقف على الحياد من حياتنا ونريد أن تمر كل الأشياء بسلام دون صراع وخسائر.. نخاف أن ندفع ثمناً لما نريد لربما يكون باهظاً.

إذن هل نكون في أمان حقاً؟ نسير فى الشوارع ذاتها يومياً.. نخاف الطرق الغير معتادة فتتملكنا الرتابة.. ننظر فى ساعاتنا كثيراً فنغرق فى التكرار.. نقول مايفرضه علينا الجميع ومايريدوا سماعه منا فنشبه كل الأشياء الا أنفسنا.

على ناصية حياتنا نقف دون قرار، نخاف النتائج فنضع كل الخطوات لمعادلة متزنة فنفقد الشغف والحيوية .. فلننظر إلى حياتنا من الخارج سنرى كل من يُحَملون اكتافنا فوق طاقتها .. سنرى محاولاتهم الدائمة لوضع لمساتهم على حياتنا دون رغبة منا .. قدر لابأس به من النصائح والارشادات لرسم طرق لما يعتقدوه هم لا لما نريد نحن، وماذا نفعل ساعتها ؟ نخاف .. نخاف الوقوف أمامهم وقول “كفوا ولو لمرة واحدة واتركوا قلوبنا تهتدي الى ماتريد” نخاف أن نخرج عن نطاق الجمع فنصير منبوذين مطرودين من جنة الآخرين .. نسير مع القطيع ونستسلم لاتجاهه.

ما الذي يحدث عندما نخشى اتخاذ قرار

فلنضرب مثالاً اخر على محاولتنا الدائمة الاحتفاظ بدائرة الآمان دون اخذ قرار حاسم، مثال من قصص الحب التي نسمح لها بتدميرنا خوفاً من النهايات المؤسفة، تبدأ القصص جميلة للوهلة الأولى قد تستمر وقد لا تستمر . وتأتى اللحظة التى تكشف مدى قوتها أو ضعفها، إن نجونا فهو شيء جميل وإذا لم ننجو فما الذى نفعله فى العادة؟ في العادة ما يحدث حقاً هو أن كل طرف يدور حول الآخر دون أن يلتقي به، ويبدأ الصراخ ثم كل طرف يتكلم عن نفسه فقط ثم يتكلم الى نفسه فقط.. لكن هل نتخذ قرار ونتوقف؟ لا بل نخاف .. نخاف الوحدة، أن لا نصادف حباً آخر .. هكذا تسلمنا دائرة الخوف الى دائرة التكرار ونكمل دون حب ودون سعادة.

هل اكتفيتم من الأمثلة، مثال أخير وسأنهي .. فلنتحدث عن العمل .. نذهب كل يوم ، نؤديه على اكمل وجه او لا، لا نسأل انفسنا هل نحب مانعمل حقاً؟ أم نعمل ما وجدناه صالحاً للعمل، هل نلتقى بانفسنا فيما نعمل؟ تتسارع بنا الاحداث مستسلمين لها والايقاع لايتوقف، نهدر قطرات من الدماء والعرق وننسى ان نفكر فى جدوى مانفعله .. نتحول الى ترس فى الماكينة فقط .. تتشابه الأيام يوماً تلو الآخر، نخاف ان نكسر حركة السير، نسقط فى دائرة الرتابة ، يصبح وجودنا غير صالح لحياة يحركها الشغف ونصير مناسبين جداً للتخزين كأوراق قديمة فى ارشيف الوجود.

هكذا تسير حياتنا بلا مقاومة .. حياة طويلة ومشهد اخير . نحكى فيه عن تقلبنا دون إرادة ودون محاولة للتغير .. نتحدث عن مجهول صنعنا منه اله وعبدناه سراً وشركاً.

مشهد أخير نحكى فيه كيف عشنا بلا مغامرة وكيف لم نخرج من قوقعة الامان .. مشهد اخير لن نتحدث فيه سوى عن خسارتنا الفادحة ونتمنى لو ارتمينا فى احضان القنبلة من البداية.

الحياة سلسلة من الموجات المتتالية لا شيء فيها يستمر للأبد.. النهايات حتمية وواحده ولكن الطرق التي نختار المسير فيها هي التي ستحدد كيف عشنا وكيف استسلمنا أو قاومنا دوائر الامان ..الخوف…التكرار ..الرتابة.

” انت الآن احسن حظاً، لم تنفجر القنبلة بعد .. مازال بإمكانك فعل الكثير لتجنب تلك اللحظة.. تذكر أن الفرار لن يمنحك إلا وقتاً اضافياً من الرعب لن يمنحك الحياة .. فاكسر تلك الدائرة الضيقة التى تقوقعت داخلها .. واتبع شغفك واسمع صوت قلبك لعله يكون خير دليل وخير مرشدا.

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->
%d مدونون معجبون بهذه: