crossorigin="anonymous">

التفكير المفرط في الذكريات المؤلمة.. كيف تتعامل معه وتتخلص من تاثيرها على حياتك

الذكريات المؤلمة للمواقف التي تشعرنا بالخزي من أنفسنا، أو الخوف أو الحزن أو الغضب مثل المواقف، التي لم نتصرف فيها بشكل جيد، أو تذكر كلمة نقد مؤذية أو سماع إسم شخص لا نحبه، أو الذهاب لمكان تعرضنا فيه لموقف صعب أو مرتبط بمشكلة أو حادث صادم لنا ؛تثير فينا ذلك الشعور بالغصه في الحلق وانقباض الامعاء، ثم سرعان ما نشعر بالشعور التي انتبانا وقتها للدرجة التي تجعلنا نصاب بالرعب أحيانا من تكرار تلك التجارب ونرغب في تجنبها بأي ثمن.

ما قالته عصبني ما فعله وترني اللي “عمله خنقني” كلها كلمات تعبر عن رد الفعل عندما نمر بتجربة تحفيز.

قادح الزناد او مُشعِل الاستجابة لموقف قديم هو أي كلمة أو شخص أو تجربة أدت بنا لرد فعل عاطفي قوي وفوري أثار مشاعر مثل الحزن أو الاكتئاب أو الغضب والعدوانية، أو الشعور بالخزي والخجل من النفس، أو الاحساس بالذل، أو الخوف وقد يصل لاثارة نوبة هلع.

الكلمات والسلوكيات والمواقف والأحداث وحتى وجود أشخاص معينين يمكن أن تثير فينا ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها.

على سبيل المثال عندما نفاجأ بصوت عالي ونشعر بالانزعاج الصوت العالي هو المحفز ورد الفعل هو الشعور بالانزعاج، يمكن أن تكون الإستجابة لفترة طويلة أو قصيرة، أحيانا نستطيع تجاوز ما حدث وأحيانا يغرقنا في شعور من الخوف وانعدام الامان.

ما الذي تخبرنا به الذكريات المؤلمة؟ وما أهمية فهم ما الذي يخبرنا به تذكرتها 

غالبًا ما يكون رد فعلنا تجاه المحفز مبالغاً فيه ، وأكبر مما يبرره الحافز ، وأطول أمدًا مما يناسب الحدث المسبب. يتناسب مدى تأثير محفز الصدمة علينا مع مدى قوتنا وضعفنا . فكلما كنا أكثر حساسية تجاه سلوك الآخرين تجاهنا، كلما اثير خوفنا أو غضبنا أو خجلنا بشدة. عندما نصبح أقوى وأكثر ثقة بالنفس ، سهام الآخرين لن تخترقنا بعمق.

في سياق أوسع ، فيما يتعلق بأنفسنا ومجتمعنا، نحتاج إلى تطوير جلد سميك بما يكفي للتعامل مع عالمنا وتأثيره علينا، بدلاً من الاختباء بعيدًا . ثم يمكننا أن نواجه هجمات عالمنا بشجاعة للتعامل والشفاء. يمكننا أن نلاحظ ما الذي يثير الصدمات لدينا ونفهم لماذا. هذه هي الطريقة التي نستعيد بها قوتنا ، ولدينا المزيد من الخيارات بشأن ردود أفعالنا الفورية ، وفي النهاية نستطيع الشفاء من تأثير التجارب التي تحفز الصدمة لدينا.

عندما يبقى تأثرنا بموقف أو حدث معنا حتى وقت النوم ولا نستطيع التوقف عن التفكير به فانه يأخذ أكثر مما يستحق، فهذه إشارة أن هناك شيء يجب النظر فيه والتعامل معه. على سبيل المثال ، ربما يكون شخص ما في العمل قد أغضبنا والتفكير فيما حدث يبقينا مستيقظين في الليل. نكتشف أننا بحاجة إلى إجراء محادثة مع هذا الزميل، والعمل على حل الخلاف . هذا مثال على كيف يمكن أن تنبهنا المحفزات لعمل علاقات جيدة مع زملاء العمل.

يعتمد رد فعلنا أيضًا على فهمنا الشخصي للموقف ويتأثر بمعتقداتنا وتخيلاتنا وافتراضاتنا وظنوننا. ثم ينتقل من مجرد اعتقاد للتعبير عنه بالكلمات والأفعال، عادةً ما يحدث كل هذا دون أن نتيج لأنفسنا فرصة التفكير فيما هو منطقية في الموقف.

ما الذي يحدث في الواقع عندما تتم إثاراتنا بمحفز

تحدث المحفزات وردود الفعل لها بسرعة كبيرة بحيث لا تتاح لنا الفرصة للتوقف والتفكير واتخاذ قرار حكيم، هذا يرجع لأن المحفزات تنشط نظامنا الحوفي حيث توجد العواطف بدلا من القشرة الجبهية حيث تتحكم الأفكار العقلانية. يشبه الجهاز الحوفي الحصان وقشرة الفص الجبهي هي اللجام ونحن من نقوده بمستويات متفاوتة من المهارة لكنها قابلة للتحسين.

تشبه المحفزات للصدمة أن نعطي شخص ما بندقيتنا ليصطادنا ونحن نستسلم له عندما نستجيب لضغطه الزناد برد فعل نأسف عليه ونشعر بالغضب في كل مرة.

يظهر هذا التشبيه كيف نمنح القدرة لشخص آخر للسيطرة على سلامنا النفسي واتنزاننا ونمنحه القوة للسيطرة على مشاعرنا وافعالنا.

.في عملي كمعالج اسمع الطلاب يتحدثون عن ضغط زنادهم بكثرة. بعض تجارب تحفيز الصدمة خطيرة جدا مثل جندي مصاب مصاب باضطراب ما بعد الصدمة يتم ضغط زنادة بواسطة صوت قتال، أو ناج من اعتداء جنسي يتم ضغط زناده بلمس جسده، قد تكون محفزات الصدمة مرتبطة بتجارب اقل خطورة لكن في كل الأحوال يبدو أن ردود أفعالنا تسيطر علينا.

تعتمد اثارة الشخص الشخص لنا على مدى أهميته والمساحة التي يشغلها في تفكيرنا، على سبيل المثال قد يستفزنا شخص نهتم به بشدة من خلال اظهار رغبته في التخلي عنا، وبشكل عام الشخص الذي يخيفنا ويهددنا يستفزنا بسهولة، حتى عندما لا ينوي القيام بذلك، قد يثيرنا الأشخاص الذين نعجب بهم بأي شيء يفعلونه.

عندما تمنح شخص السلطة لاستفزازك انت كمن تمنحه القدرة على ضغط زنادك، بالطبع هذا لا يعني عدم الاهتمام بالناس بل بالاهتمام بتعلم كيفية التعامل وفهم ما يحفزنا ويثيرنا وردود أفعالنا.

أعراض تأخر الحزن

في بعض الأحيان يمكن أن يكون مثير الصدمة حدثا وقع الآن ولا يوجد مثال سابق له، على سبيل المثال في المرة الأولى التي نسمع خبر وفاة شخص في العائلة نشعر بالحزن ونبكي، ومع ذلك يمكن أن يكون المحفز الأصلي تجربة سابقة مثل ضائقة مالية أو شيء حدث منذ عشرات السنين خاصة في فترة الطفولة.

لقد اثارت تلك التجارب المبكرة حزنا لم نتعامل معه بشكل كامل، وبالتالي فإنها تعطي المجال لمحفزات الصدمة أن تثير ضغط ما بعد الصدمة التي نرغب في تجنبها.

يبدو الحدث المثير للصدمة الذي يذكرنا بصدمة قديمة ويجعلنا نشعر كانها تحدث الآن، حيث تخزن اللوزه الدماغية وهي جزء من نظامنا الحوفي الصدمات الأصلية وردود فعل الخوف دون مراعاة للوقت أو التأثير أو سنوات النمو والقوة التي نحن عليها الآن، هذا هو السبب أن مثيرات الصدمة تجعلنا نشعر بنفس حالة العجز التي شعرنا بها في الطفولة وننسى أننا أصبح لدينا موراد داخلية تساعدنا في التعامل مع التحديات، أو نهمل هذه الموارد لان اللوزة الدماغية تصبح مسيطرة.

في بعض الأحيان عندما نثار بصدمة نصبح صامتين ومذهولين ومخدرين، لقد اسكتت اللوزة الدماغية عقلنا المنطقي ونوبخ انفسنا لاننا نستعيد قوتنا العقلية، ونعتقد أنه كان يمكنن التصرف او التحدث بشكل أفضل “كان يجب أن اقول هذا..” لكن في هذا الوقت لم يكن لدينا امكانية التفكير بهذا الهدوء لان الجهاز الحوفي اضعف عملية التفكير لدينا.

المحفزات تنشط الجهاز العصبي السمبثاوي وتجعلنا نستجيب استجابة الهروب أو القتال أو التجمد وتفرز هرمونات الإجهاد كل ذلك بشكل خارج عن ارادتنا وهذا سبب آخر للشعور بالعجز.

إعادة تشكيل الدماغ

اليوم بفضل علم الأعصاب والأبحاث حول مرونة الدماغ، نعلم امكانية اعادة برمجة مساراتنا العصبية لتغيير هزيمتنا لذواتنا، يمكن أن تبتكر قشرة الفص الجبهي طرقا صحية للاستجابة للأحداث فلا يجب أن نكون تحت رحمة ردود الفعل الفورية غير المنطقية وغير المخطط لها.

ومع ذلك فإن التفاعل بالطريقة التي تعودنا عليها لا يختفي بسهولة حتى عندما نطور انماطا عصبية جديدة. قد تساعد الممارسات الروحية لكنها ليست قوية بما يكفي لإلغاء ردود الأفعال الحوفية تماما. لذا لا يجب أن نكون قاسيين على أنفسنا عندما نجد أنفسنا نتفاعل بطرق لا تريحنا، فيمكننا الملاحظة والتعلم والممارسة.

من خلال الانتباه الواعي يمكن لقشرة الفص الجبهي اعادة صياغة الأحداث والتجارب بحيث لا تصبح مستفزة بعد ذلك، القشرة الجبهية إذا كانت في حالة تنشيط كامل يمكنها تهدئة بعض ردود الأفعال المفرطة في اللوزة الدماغية، للانتقال من تحكم الدماغ البدائي لتحكم القشرة الدماغية الواعي والمنطقي يمكننا استحضار فكرة إيجابية بديلة

“أيها الإخوة والأخوات ، كل ما هو حقيقي ، كل ما هو نبيل ، كل ما هو صحيح ، كل ما هو نقي ، كل ما هو جميل ، كل ما هو مثير للإعجاب – إذا كان هناك شيء ممتاز أو جدير بالثناء – فكر في مثل هذه الأشياء.” القديس بولس في العهد الجديد

يمكن أن يكون المحفز ايجابيا أيضا أو محفز مثير للفرح أو الإثارة الجنسية أو التفاؤل، نشعر بالقشعريرة في كل مرة يسجل فيها فريقنا فوزا، أو عندما مثالا لانتصار الروح البشرية، ندخل في حنين متتع للماضي من بتذكر تلك الأوقات السعيدة، يتم ضغط زنادنا باختبار الحب من النظرة الاولى أو قبلة ساحرة.

تستخدم اليوم كلمة الزناد أو مثير الصدمة للاشارة لكل ما هو مزعج وغير سار، وتعبر عن اثارة سلبية لا تسير الحزن والغضب والخوف بحسب، بل تثير أيضا الشعور بالأذى والخزي أو الذنب أو خيبة الأمل أو الإحباط والندم واليأس. عندئذ يكون رد فعلنا الفرار أو القتال أو التجمد لكن كل هذا مبالغ فيهـ تبدو تجاربنا سلبية عندما نفكر بسرعة أو نقاتل بشدة أو نتجمد لفترة طويلة.

يمكن أن يبدو المحفز كطريق مسدود عندما ينتج عنه فقط رد فعل دون أن يتبعه أي موقف، في الواقع لا يجب أن تعمل محفزات الصدمة بهذه الطريقة، وبمجرد أن نمتلك المزيد من الادوات للتعامل معها يمكننا ادخال خيار ثالث بين مثير الصدمة والاستجابة،

بدل من مثير للصدمة ورد فعل تصبح مثير للصدمة ورد فعل ومورد ومع الممارسة يصبح مثير للصدمة مورد فقط بمعنى أن لا يكون هناك رد فعل.

يمكننا تجهيز موارد داخلية ليس فقط للتعامل مع الأحداث المستفزة والمثيرة للصدمة ولكن أيضا للتعامل مع الصدمات التي سببتها وللشفاء من ضغط ما بعد الصدمة بحيث يكون تاثيرها علينا أقل، وننتقل من الشعور بعدم الأمان للشعور بالأمان والثقة في أنفسنا. مثيرات الصدمة تتغذى على وهم أننا لا نستطيع أن نثق في أنفسنا، لكن بالعمل على مواردنا الداخلية سنكتشف أنه يمكننا أن نثق بأنفسنا.

الاستفادة من مواردنا الداخلية

الصدمات لا يزول تأثيرها تماما، ولكن يمكن تصبح حادث عابر بدلا من حادث مؤلم، لن نتخلص من مثير الصدمة تماما، لكن لن يكون علينا التفاعل معها بشدة، فيمكننا تعديل قابليتنا للتأثر وردود أفعالنا عندما يظهر شيء محفز لها، ويمكننا أن نتعلم السطرة على أنفسنا قبل أن نتفاعل معها بشكل أعمى، ويمكن تخفيف تأثير المحفزات لها وتقصير وقت استجابتنا وتعطيل آلية الضغط على الزناد وتحويل تأثيرها من حراج عميقة لمجرد خدوش بسيطة.

يحدث هذا بالعمل الجاد على صدماتنا، نصبح أكثر وعياً بالعلاقة بين مثير الصدمة وما الذي يجب علينا فعله في أنفسنا، وهدفنا لن بكون ازالة مثيرات الصدمة بل ايجاد طريقة للتعامل وطريق للسير داخله بالعمل النفسي والروحي وتحويل محفزاتنا لأدوات.

يمكننا زيادة مورانا الداخلية بتحويل احداث الحياة المستفزة اليومية لمعلومات، بالطبع بعض هذه الاحداث تكون قوية في استفزازها لنا، وتكون فكرة تحويلها من استفزاز لمجرد معلومات صعبة.

عندما نستفز لا يجب أن نكون ضحايا لما يفعله ويقوله الآخرون، يجب أن نكون مستعدين للتعامل مع الاحجار والسهام التي تطلق علينا، ويكون لدينا أسلحتنا للتعامل مع المشاكل.

الموارد الداخلية تغذينا وساعدنا في تجنب تأثير أحداث الحياة علينا، والتي من الممكن أن تغرقنا في اليأس، أو وتغرقنا في الخوف والخجل، أفضل مواردنا الداخلية هي القدرة على إيجاد طريقة سريعة للتعامل مع العقبات وتفادي أي شيء مصوب تجاهنا.

في بعض الأحيان تكون مورادنا الداخلية اقل من اللاازم للتعامل مع الموقف، في هذه الحالة، ننشط المورد الداخلي الذي يساعدنا على الانتقال لموارد خارجية وطلب الدعم والمساعدة.

يساعدنا علم النفس على تطوير مورادنا الداخلية مثل الوعي باحتياجاتنا والقدرة على التعبير عنها وتلبيتها بالشكل الصحيح. يمكننا تعلم إدارة مشاعرنا وتحرير أنفسنا من الكبت والثقة في كفاءتنا. وتساعدنا الروحانيات في التأمل ووتحسين وعينا والتحرر من التعلق والأنا، كل هذا مع الوقت يصبح سمة من سمات شخصيتنا، العمل على الجانب النفسي والروحي يزيد من مورادنا الداخلية، وفي النهاية نحن نصبح ما نفعله.

رابط المقال BY David Richo, Ph.D

Triggers: How We Can Stop Reacting and Start Healing

اترك تعليق

!-- Google Tag Manager (noscript) -->